مبادرة شيخ الطيب الجد ليست ملزمة
محجوب مدني محجوب
البعض مازال مقتنعا بنظرية اليهود التي تقول:
إن كنت تريد أن تجعل من أمر ما أن يكون إجباريا وهو ليس كذلك، فما عليك إلا أن تردد:
هذا إجباري.
هذا إجباري.
هذا إجباري.
حتى يصبح إجباريا.
هذه النظرية عفى عليها الدهر، ولم تعد فعالة على الإطلاق وذلك بسبب أن العالم كان حوله مصادر محدودة ومحدودة جدا لتقصي حقائق الأشياء.
أما والأن بحيث أصبحت مصادر المعلومات لا تحصى ولا تعد، فلم يعد تطبيق مثل هذه النظرية ممكنا.
أصبح تحقيق نظرية الفرض من خلال أنه لا مجال ولا حل إلا بهذا الاتجاه.
فمثلا استخدام شبكة الانترنت في كل الخدمات وكل المعلومات بحيث لا يمكن الحصول عليها إلا عبرها.
فحينئذ يمكن أن يقال لا سبيل ولا مخرج إلا باستخدام شبكة الانترنت.
ومن مثل لا أحد يستطيع الحصول على وظيفة إلا بمؤهل جامعي حينئذ يصبح التعليم الجامعي ضروريا وإجباريا.
لكن لا يمكن بحال من الأحوال أن يتم تعداد فوائد السفر، ومن ثم يقال عن السفر أنه أصبح إجباريا.
لا أحد يقول بذلك.
كذلك طرح المبادرات السياسية من أجل المساهمة في حل المعضل السوداني، فلا يمكن أن يقال بأن هذه المبادرة أو تلك إجبارية أو ملزمة.
فالأسباب التي تؤدي لإلزامها غير متوفرة إطلاقا.
فكل شخص أو جهة بإمكانها أن ترفض ما جاء في مبادرة شيخ الطيب الجد التي طرحها في الفترة من ١٣- ١٤ أغسطس الجاري للمساهمة في حل الأزمة السودانية.
لا يمكن بحال من الأحوال أن يقال بهذه المبادرة إجبارية.
إجبارية على من؟
وإجبارية من أي باب؟
لا يمكن أن تدخل هذه المبادرة حيز التنفيذ إلا بالإجماع الطوعي عليها.
وبالتالي فلا يأتي أحد ويقول بأن المبادرة ملزمة على الجميع.
فبعد أن خرجت المبادرة بتوصياتها فأقصى ما يقال عنها هي اتباع ذات أسلوب صاحبها الشيخ الطيب الجد الذي دعا إلى الإجماع حولها بخطاب غاية في التحضر والرقي.
دعا إليها الشيخ بخطاب غاية في الأدب والاحترام حتى لمن يرفضها.
وهذا الخطاب ليس بغريب على آبائنا وشيوخنا البادراب.
فهي شيمة أهل التصوف المسامحة ولين الجانب وخفض الجناح حتى مع أعدائهم.
أما أن يأتي أحد بعد خروج توصيات المبادرة ويقول خسئ لمن لم يقبل بها.
خسئ وخاب وخسر لمن لم يكن حضورا فيها.
فليشرب من ماء النيل من لم يقبل بها.
فهذا للأسف لا يأتي بنتائج من خياله فقط بل يسيء للمبادرة نفسها وإلى شيخها غاية الإساءة.
هذه المبادرة التي كان عمادها قاموس المحبة والإلفة والتجاوز وبدء الصفحات الجديدة لغد وسودان أوسع رحابة وأوسع قبولا للجميع.
رددناها وما زلنا نرددها إلى يوم يبعثون أنه لا حل لمشكلة السودان إلا بمعاقبة المجرم.
لا حل مع مشاكل السودان إلا بوضع خط فاصل بين المعتدي والمعتدى عليه.
فالخلط بينهما يزيد من افتراء المعتدي كما يزيد من غبن المعتدى عليه.
وكما قال المتنبئ حكيم العرب:
ووضع الندى في موضع السيف بالعلا مضر.
كوضع السيف في موضع الندى.
صحيفة الانتباهة