عبد الله مسار يكتب: التنسيق في العمل سر نجاحه
قيل إنّ ولداً اشترى بنطالاً جاهزاً من السوق، فوجد هذا البنطال أطول منه بأربعة سم، وجاء إلى أمه وطلب منها أن تقصِّره له أربعة سم، وكانت الأم مشغولة، فقالت له اذهب الى أختك الكبيرة واطلب منها أن تقصِّره لك، وذهب لها وطلب منها أن تقصِّر له البنطال بأربعة سم ولكنها اعتذرت لأنها تجهز العشاء.
ذهب إلى محل الخياطة فقصّره واستلف من زميله أجرة الخياط وعاد إلى المنزل ووضعه في خزانته ونام كي يلبسه للعيد.
الأم حنّ قلبها وذهبت إلى غرفة الابن وأخرجت البنطال وقصّرته اربعة سم وأعادته إلى مكانه.
الأخت الكبيرة بعد أن أكملت تجهيز العشاء، رقّ قلبها وذهبت إلى غرفة أخيها وقصّرت البنطال أربعة سم ثم أعادته.
في الصباح استيقظ الولد مُبتهجاً ببنطاله الجديد ويريد أن يلبسه ليريه أصدقاءه في العيد، وإذا به يتفاجأ أن بنطاله للركبة ولم يستطع أن يلبسه، وحزن حزناً شديداً.
العبرة
إذا كان فريق العمل يعمل بدون تنسيق مسبق، يفشل فشلاً ذريعاً رغم المجهود الكبير والتضحيات الكرام، وإن كانت النوايا طيبة، ووجود الإمكانيات والموارد.
الدليل أن السودان الدولة العظيمة ذات الموارد الكبيرة والموقع المميز والتاريخ الباذخ، والحضارة الراسخة في القِدم نتيجة لعدم الاتفاق والتنسيق، تتراجع عاماً بعد عام منذ الاستقلال، لم تتفق حتى على دستورٍ دائمٍ، بل كيف تُدار الدولة.
دولة في حجم السودان تسير بدون حكومة لأكثر من ثمانية أشهر والقوى السياسية والمجتمعية تتصارع فيما بينها دون أن تصل إلى اتّفاق على الحد الأدنى لتسيير دولاب الدولة في فترة الحكم الانتقالية،
بل كلٌّ يغني على ليلاه، وكلٌّ يدعي أن السودان هو مالكه لوحده، وليس هنالك شخصٌ آخر له الحق فيه، وليست لديهم رغبة للجلوس لبعضهم والاتفاق والتنسيق في إدارة أمر البلد.
يعني محتاجين الى تنسيق في إدارة شؤون هذه البلد التي هي ملكٌ لكل أهل السودان.
أيُّها السُّودانيون جاء الوقت وخاصّةً السّاسة، أن نعمل في شكل فريق منسجم ويعمل ذلك الفريق على تطوير وبناء وتنمية هذا الوطن.
العالم الآن يموج ويغرق في أزمات كبيرة، وخاصّةً أزمة الغذاء ونحن دولة لديها إمكانيات أن تكون سلة غذاء العالم، بل هنالك أزمة المناخ التي تضرب العالم، ونحن أكثر دولة ممكن أن تستفيد من ذلك وفي كل الحالات (رب ضارة نافعة)، لأننا دولة متنوعة الموارد، ينقصها الاتفاق على إدارتها، والعمل بروح الفريق الواحد. محتاجون لحب هذا الوطن وإبعاد الأجانب من حياتنا.
هنالك دول قفلت نفسها واعتمدت على ذاتها، لفترة قصيرة صارت في مقدمة العالم.
يا أهل السودان اتّحدوا ولنتخارج من أمراض التخلُّف هذه من (عنصرية وكراهية ونقاء عرقي وادعاء تهميش وحتى نقاء فكري)، كلها أمراض فقر..
إنها صرخة وصيحة ونداء إلى الجميع.
صحيفة الصيحة