مقالات متنوعة

محمد أحمد الكباشي يكتب: بورتسودان في خطر

قبل اشهر خلت اجريت تحقيقاً ميدانياً حول ظاهرة انتشار المخدرات بمدينة بورتسودان، فالنتيجة كانت صادمة من خلال ما سمعته وشاهدته، اذ انه لم يعد سراً الحديث عن انتشار واسع للمخدرات بولاية البحر الاحمر، ولا يكاد حي من أحياء المدينة ينجو من كارثة المخدرات الا في حالة نادرة. وباتت الاسر هناك تخشى اكثر ما تخشى على ابنائها من الضياع والانحراف بسبب المخدات، وحسب احصائية غير رسمية فإن نسبة المتعاطين للمخدرات بانواعها المختلفة وسط الشباب بلغت نحو 45٪، منها 15٪ نسبة ادمان وسط الجنسين. ولعلي اذكر هنا المخاوف التي اثارتها الزميلة هاجر سليمان قبل اشهر حول مخاطر المخدرات، وخصت بالاسم الآيس كرستال باعتباره اشد خطورة. وذكرت صراحة انه بعد فترة قليلة سيجعل هذا المخدر متعاطيه اما موتى او مجانين، وقد بدت النتائج تتكشف، ودونكم الجرائم وحالة التفلت التي انتشرت في احياء بورتسودان على وجه الخصوص.
ولا تكاد مجالس المدينة تكف عن الحديث حول الظاهرة التي باتت تتوغل إلى عدد كبير من الأحياء، وليست الطرفية وحدها بل حتى احياء قريبة جداً من اجهزة الرقابة، وربما اصابع الاتهام هنا توجه نحو أجانب يقطنون الأحياء القريبة من وسط المدينة بأنهم من يقف وراء الترويج واستدراج الشباب الى مصير مجهول بين الضياع والموت.
وخلال هذا العام في نهاية شهر يناير شهدت مدينة بورتسودان جرائم قتل نكراء اهتزت لها اركان المدينة، عندما اقدمت زوجة على قتل زوجها بصورة بشعة، وقبل ان تنطوي آثار الجريمة صدم مجتمع بورتسودان بحادثة قتل لطالبة جامعية عثر على جثمانها داخل شقة، قبل ان يقر الجاني بارتكابها ويودع في الحراسة.
وكان آخر اخبار القتل ببورتسودان الاسبوع الماضي، حيث لقي المهندس الطاهر عيسى جعفر مدير ادارة المياه بالقطاع الجنوبي في مدينة بورتسودان مصرعه مقتولاً.
وتعود تفاصيل الحادثة الى أن المجني عليه تم قتله على يد عصابات (9 طويلة) بغرض خطف موبايله بحي الميرغنية ببورتسودان. وهكذا دفع مهندس المياه حياته ثمناً مقابل هاتفه.
وهنا لا بد ان نشيد بجهود الاجهزة الامنية في القبض على الجناة، ولكن نهمس في اذن الشرطة بأن تضاعف جهودها لتجفيف منابع المخدرات بدءاً باحكام الرقابة على الحدود، والضرب بيد من حديد على المهربين والمروجين في الاسواق والاحياء. كما نشيد بجهود منظمات المجتمع المدني وسعيها في توعية المجتمع بمخاطر المخدرات. وفي هذا الشأن أطلقت مجموعة من الشباب بولاية البحر الاحمر مبادرة توعوية تحت شعار (حياتك أهم) (خليك واعي) (سودان بلا إدمان) تهدف إلى تعريف المجتمع بخطر المخدرات عموماً ومخدر (الآيس) بشكل خاص بعد انتشاره وتفشيه وسط الشباب مشكلاً خطراً على الحياة والصحة والمجتمع.
وأقامت المجموعة مقراً لها لتسيير العمل بكل جدية، وتغطية كافة مواطني الولاية وتزويدهم بالمعلومات بغرض متابعة الأبناء وتعريفهم بطرق المراقبة، وكيفية التعامل حال التأكد من أن الابن أو الابنة سلك هذا الدرب.
وجاءت ضربة البداية بنادي ديم مايو الثقافي، حيث أقامت منتدى توعوياً للحديث عن مخاطر المخدرات، وحضره عدد مقدر من المواطنين، وتحدث فيه رئيس المبادرة يوسف جالس أحمد موسى، معلناً الانطلاقة لمحاربة هذه الظاهرة والحديث عن خطورة الآيس وأثره المدمر صحياً وأسرياً ومجتمعياً، إلى جانب التعريف الكامل بدور الأسرة والمجتمع في التوعية والتعامل مع هذا الخطر.

صحيفة الانتباه