محمد عبد الماجد

محمد عبد الماجد يكتب: الشهيد الذي سار ابنه على دربه

(1)

 في بلادي الوطنيون غير (سياسيين)… والسياسيون غير (وطنيين).

(2)

 شاهدت على مواقع التواصل الاجتماعي صورة للاعب صغير في السن يلعب لمنتخب الناشئين تحت (17) سنة وهو يقبل شعار الوطن و يشير الى (علم السودان) الذي يلبسه على صدره بحب وفرح مع تعليق يقول : (اللاعب الذي سجل الهدف الثالث في مباراة اليوم لمنتخبنا امام فلسطين هو – محمد معاوية بشير خليل – استشهد والده في 17/1/2019 وهو يحمي الثوار في منزلهم في بري فباغتوه برصاصة داخل منزله – الرحمة والمغفرة لكل شهداء الوطن).

 لاعب قتل والده في منزله بسبب حمايته للثوّار يقاتل من اجل هذا الوطن ويدافع عن اسمه، رغم ان اسرته لم تصل حتى الآن للقصاص لوالدهم الشهيد معاوية بشير خليل، الذي قتل في منزله، مع ذلك يحمل ذلك اليافع الصغير كل هذا الحب للوطن، بدون ضغينة او غل، أي درس يقدمه ذلك (البطل) الذي يمثل السودان في البطولة العربية في الجزائر.

 لقد فقد الأمن في بيته.. فذهب ليعطينا كل هذا الفرح بالخارج.

(3)

 نحن في حاجة لنتعلم من هذا الجيل… ما زالوا يعطونا في الدروس دون ان نستوعب منهم شيئاً.

 يطلقون عليهم اسم (الجيل الراكب راس).. وفي الحقيقة ان (الراكب الراس) هم من في السلطة الآن.. يرفضون ان يتخلوا عن السلطة رغم المعاناة والغلاء والازمات التى كانوا سبباً فيها.

 الجيل الحالي جيل (حواري) و (فاهم).. يؤمن بالحرية والسلام والعدالة .. وهذه اشياء لا يؤمن بها من يركب رأسه.

 هذا الجيل نكبرهم سناً ويكبرونا فهماً ووعياً ونضجاً… نعترف اننا لسنا بكل هذا (التسامح)… قلوبهم لا تحمل شيئاً غير (السلام).

 السلطة في السودان في حاجة الى ان تستوعب هذا الدرس … الذين يخدمون هذا الوطن هم الذين ضحوا من اجله.. هم من يعشقونه ويقدمون له المزيد من تضحياتهم.. اما الذين يسرقون البلاد وينهبون ثرواتها هم الذين يتحدثون باسمه.. وهم الذين يتصدرون الموقف للأسف الشديد .. وهم الذين يقبضون الثمن.

 ثمن الخيانة اضحى اغلى من ثمن التضحية.

 لماذا الوطن ضنين لهذا الحد مع الذين اعطوا له ولم يستبقوا شيئاً ؟ لماذا الذين يضحون من اجل الوطن يتواجدون في الصفوف الخلفية ؟ .. وهم مطالبون بالمزيد من التضحيات.

 الشهيد معاوية بشير خليل قدم في 17 ينائر 2019 درساً لم تفهمه السلطة وقدم ابنه في 29 اغسطس 2022م درساً اخر .. وأيضاً لم تفهمه السلطة.

(4)

 استغرب كيف خرج هذا الجيل الواعي من فترة ساد فيها الفساد والبغي والقمع والبطش؟

 من اين جاءوا بكل هذا الوعي؟ .. بل من اين اتوا بهذه (الوطنية)؟.. وكانوا بهذا الصمود والثبات على المبدأ في وطن كانوا يبيعون فيه حتى (مواقفهم).

 (30) سنة كانت كافية ان تطمس كل شيء.. فقد طمست حتى خريطة السودان – غيروا الخريطة وغيروا العملة وغيروا الوقت وغيروا السلم التعليمي وغيروا جغرافيا السودان وتاريخه.

 في العهد البائد تغير كل شيء بما في ذلك صينية الغداء ودافوري العصر وشاي المغرب.

 مع كل هذه التغييرات احتفظ هذا الجيل بأخلاقياته ومواقفه ووطنيته.

(5)

 بغم /

 الجرائم التى اصبحت تحدث بشيء من الجرأة والوقاحة في الخرطوم وفي وضح النهار يجب ان لا نستغرب منها، فهي نتاج طبيعي لما يحدث في السلطة.

 لقد منحوا الجناة جرأة في ان يرتكبوا جرائمهم بمنطق وعلى عينك يا تاجر.

 وكل الطرق تؤدي الى (المدنية).

صحيفة الانتباهة