أحمد يوسف التاي يكتب: أغرب تحري أمني في تاريخ الدكتاتوريات
(1)
أن يَحِنَّ عناصر المؤتمر الوطني إلى عهد البشير فذاك أمر طبيعي فقد حَمَى ممارساتهم الفاسدة بالتغافل عن محاسبتهم فبنوا أمجاداً وعتواً عتواً كبيراً…وأن تتوق نفوس المنتفعين من نظام المؤتمر الوطني إلى ذلك العهد الفاسد المستبد فليس في الأمر غرابة فهم وأولئك صنوان ووجهان لعملة واحدة… وأن تهفو قلوب (المقطورات) إلى السير خلف المؤتمر الوطني فلا دهشة ولا عجب فـ (الترلات) لا تستغني عن القاطرة بأي حال.. ولكن من المدهش حقاً أن يسير بعض الكتاب المستنيرين في ركاب الدعاية السوداء التي تستبطن في تحركاتها الغبية إعادة إنتاج الأزمة وتلميع البشير من جديد وكأنه المنقذ الوحيد الذي بإمكانه إنتشال السودان من أوحاله الحالية ، وكأن البشير لم يكن هو سبب البلاوي التي تأخذ حالياً بتلابيب الجميع..
(2)
إذا نسي هؤلاء أو تغافلوا عمداً يمكن أن نذكرهم بأن رئيسهم الذي يطالبون بالإفراج عنه لإنقاذ البلد أن نيابة أمن الدولة دونت في مواجهته بلاغين بتهمة غسل الأموال، وحيازة عملات أجنبية بطريقة غير مشروعة وذلك بعد أن ضبطت السلطات ملايين الدولارات واليورو بمنزليه ، ذلك هو (أسد إفريقيا) ، و(هبة السماء)، و(راعي الإسلام والشريعة)…
(3)
وإذا نسيتم فيمكن أن نعيد إلى أذهانكم رواية الأستاذ عثمان ميرغني التي نقلها أيام الإعتصام عن بعض أعضاء المجلس العسكري حرفياً والتي تشير إلى تحريضه للجيش والأمن بقتل (ثلث) الشعب السوداني وفض الإعتصام بالسلاح وهي الرواية التي ذكرها قائد الدعم السريع لاحقاً ،ليبقى هو في سلطة سرقها في عتمة الليل وأهلها نائمون وتربع عليها ثلاثين عاماً ولم يشبع ولم يستغن بعد، فقد كان يريدها سلطة مدى الحياة كما أوحى إليه بعض شياطين الإنس وفر لهم البيئة الملائمة لتفريخ الفساد وحمايته بالسلطة.
(4)
أوقفنا عن الكتابة (6) مرات متفاوتة في عهده ،وأغلقت صحفنا كلما إقتربنا من قلاع البشير المحصنة وذلك خوفاً من دخولنا إلى عُش الدبابير الذي يحرسه الرئيس المخلوع بنفسه ومن خلال بعض ضباطه الذين كانوا يهددوننا ويحذروننا : (أبتعد عن الرئيس وأسرته ونوابه،لا تصريحاً ولا تلميحاً ولاهمزاً ولالمزاً..!!!) بما يوحي أن البشير وأسرته ونوابه خطاً أحمر لايمكن الإقتراب منه..قبل سقوط البشير بأشهر تم استدعائي كرئيس تحرير إلى مباني الجهاز للتحري معي لماذا لم تخرج صحيفتي بمينشيت خبر البشير..!!! أي والله…فمهما أساء البرهان أوحميدتي أو حمدوك، أومن يأتي بعدهم، مهما أساءوا استخدام السلطة فهل يصلون إلى هذه الدرجة من الصلف والاستبداد؟!!..وذلك كان أغرب تحر مع صحفي في تأريخ الدكتاتوريات.
(5)
فقد كان البشير حتى داخل حزبه يضيق على دعاة الإصلاح أينما وُجدوا ويقرب الفاسدين ، ويحميهم ، ويُصعد الفاشلين ويمعن في ترقياتهم، ويحارب الأقلام الشريفة الحرة التي تحارب الفساد بأمانة وشرف ومسؤولية.
بالأمس كان يخاطبنا على أنه القيِّم على أمر دولتنا والمسؤول عن أمننا وتأمين عيشنا ومستقبلنا وكل من خالفه عميل وخائن ومندس ، واليوم متهم بغسل الأموال وحيازة العملات الأجنبية والمحلية بطرق غير مشروعة، ومع ذلك يريدون الإفراج عنه ليحكمنا مرةً أخرى وهو الذي سفك دماء الأبرياء من أمثال (مجدي) و(جرجس) بتهمة الإتجار بالعملات الأجنبية… اللهم هذا قسمي فيما أملك.
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين.
صحيفة الانتباهة