هاجر سليمان يكتب: إلى والي الخرطوم ومعتمد جبل أولياء
من المحزن ان تمر بالمقابر وتقع عيناك على ما يشوه بصرك ويدمي عينيك بالبكاء المر ، فما بين يوم وليلة اصبحوا نسيا منسيا ومع ذلك لم يسلموا من ايدينا .
انها مقابر الشيخ غانم بمحلية جبل اولياء هذه المقابر يحدها من الغرب والجنوب النيل الابيض ومن الشرق تحدها قرية الدويحية وفي الاتجاه الشمالي حدودها احدى المزارع، هذه المقابر تستقبل موتى احياء الدويحية، البجا عبد الهادي ، اراضي الجيش، العباسية، الحلة الجديدة، امتداد الحلة الجديدة، المستعمرة وقشلاق الجيش والشرطة، كل تلك الاحياء تتشارك الدفن في هذه المقابر ولكن عجزت جميعها بما فيها محلية جبل اولياء وولاية الخرطوم في تأمينها وتفقدها وتسويرها وإنارتها .
اصبحت هذه المقابر بمرأى منا عبارة عن مزبلة للغاشي والماشي ومكب نفايات للقريب والغريب للقاصي والداني، حتى السعاة اصبحوا يتخلصون من حيواناتهم النافقة بسحبها والتخلص منها بالمقابر دون مراعاة لحرمة الموتى او عظمة المكان، في وقت عجزت فيه محلية جبل اولياء عن القيام بأقل واجياتها ازاء المقابر والمتمثلة في تسويرها او تعيين حراسات عليها حتى لا تستباح حرمتها من قبل الاحياء الذين يجهلون الموت ويجهلون انهم في يوم سيصبحون في ذات القبور وذات المكان الذي استغلوه مرمى للنفايات .
حال المقابر بكل ولاية الخرطوم اصبح لا يسر بعض المقابر سرقت اسوارها الحديدية وبعضها تعبث الكلاب فيها وتنبش ما تنبش منه وبعضها يستغل كمخبأ للعصابات المتفلتة وعصابات ترويج المخدرات وطبعا كل تلك الممارسات الإجرامية ترتكب من قبل متعاطي المخدرات والذين غابت عقولهم عن الدنيا ونسوا الآخرة ونسوا الموت وتعاملوا مع المقابر كمتنفس اجرامي فقط دون التفكر في هيبتها ودلالتها .
الولاية والمحليات ككل بحاجة ماسة لإقامة نفرة بالاحياء بحضور المعتمدين تستهدف المقابر بتنظيفها وازالة مكبات النفايات منها وسحب الفطايس المنتشرة فيها والتي سببت روائح كريهة تضرر منها سكان الاحياء المحيطة بالمقابر .
يجب ان تكون هنالك نفرات لتجميل العاصمة وتحسين الصورة الذهنية وإزالة التشوه البصري للوافدين من خلال اطلاق نفرات شبابية تهدف لتسوير المقابر وتعيين حراسات لمنع الاستغلال السيئ للقبور بجانب ضرورة إنارة المقابر .
مقابر الشيخ غانم تنتظر من يرأف بحالها فأدركوها يرحمكم الله قدموا القليل لمن قدموا الكثير وفقدوا أرواحهم، قدموا لدنياكم وأخراكم وتبنوا مشروع نظافة مقابر الشيخ غانم رحمكم الله وأزيلوا جيف الأبقار والأغنام والكلاب عن القبور ودعوا الأرواح تنام في سلام وتنعم في ظلمائها .
استحضرني موقف قبل أعوام رواه لي أحدهم خبرني بان صديقه يقود عربة أجرة في احد الأيام نقل احد المواطنين الى المقابر ليلا وتسلم أجرته وظل ينتظر ولكن لم يعد الرجل وهنا أصيب سائقنا بحب الاستطلاع وقرر ان يخوض معركة البحث عن الحقيقة فدلف الى المقابر وظل يبحث عن صاحبه حتى شاهده وكان يرقد على قبر ويتوسد حقيبته الصغيرة وحينما اقترب منه جلس الرجل وهنا سأله فصارحه سائق التاكسي بأن حب الاستطلاع قاده للبحث عنه فأخبره صاحبنا بانه يحمل أموال ورثة وانه لن يجد أأمن وأنظف من المقابر لينام فيه .
بذات المشهد أعيدوا للقبور هيبتها ونظافتها وأمانها .
صحيفة الانتباهة