محمد عبد الماجد

محمد عبد الماجد.. حكومة الرجل الثاني


(1)

 في المؤتمر الصحفي لإعلان نتائج امتحانات الشهادة السودانية وفي الخطاب الذي قدمه وزير التربية والتعليم محمود سر الختم الحوري وقبل الاعلان عن النتيجة تقدم وزير التربية والتعليم بالشكر والتقدير للسيد رئيس مجلس السيادة.. وقلنا ربما يكون ذلك الشكر تقديراً لرئيس مجلس السيادة على اجازة النتيجة وهو برتوكول متبع في مثل هذه المناسبات، رغم تحفظنا على التحية في هذا التوقيت والوزير (مكلف)!! – المفارقة ان السيد وزير التربية والتعليم (المكلف) لم يكتف بذلك وقدم التحية والشكر لنائب رئيس مجلس السيادة ايضاً الفريق اول محمد حمدان دقلو بدلاً من ان يقدم التحية والتقدير لشهداء الثورة ومصابيها حيث يمكن ان تستقبل بعض الاسر السودانية نتيجة (الابناء) الطلاب بعد ان اصبحوا (شهداء) في عام دراسي تخللته الاحتجاجات والمواكب والتروس والحاويات… هذه الاسر المكلومة كانت في حاجة للعزاء والوقوف عندها – لكن يبدو ان الحوري لا علاقة له بالتربية فهو وزير فقط للتعليم.. وحتى في ذلك فهو (مكلف).

 السيد الوزير المكلف بعد كل هذا (العك) الذي درج على تسميته (كسيّر تلج) تجاوز القوات المسلحة وقدم شكره وتقديره في الخطاب الذي قدمه لقوات الدعم السريع وجهاز المخابرات وهو يتحدث عن امتحانات الشهادة السودانية.

 في الاخبار ايضاً : (دقلو يتسلم نتيجة الشهادة السودانية ويهنئ الناجحين) وهو يظهر برفقة الحوري .. ما علاقة دقلو بالنتيجة؟

 ولاية الخرطوم رغم الانقلاب والتروس والحاويات والرصاص والغاز المسيل للدموع وجبريل ابراهيم قدمت في قائمة الـ (119) طالباً الذين جاءوا في المراكز الاولى لنتيجة الشهادة السودانية (80) طالباً اغلبهم كان في العشرين الاوائل.. هذا دليل اخر على نجاح الثورة وتفوقها وطلابها يحققون هذا التفوق الباهر في ظل هذه الاوضاع.

(2)

 في دول العالم الثالث دائماً ما يكون (النائب الاول) او (الرجل الثاني) في الدولة شخصية باهتة حتى لا يحدث قلق على (الرجل الاول) في الدولة… يشترط في (النائب الاول) ان يكون بدون طموح.. الدكتور جون قرنق لم يبق في منصب النائب الاول اكثر من بضع وعشرين يوماً بعد اكثر من بضع وعشرين عاماً في الحرب لأنه كان يملك الكاريزما والشعبية والطموح في ان يكون الرجل الاول.

 كان قصاد كل يوم قضاه الدكتور جون قرنق في السلام عام كامل قضاه في الحرب.

 علي عثمان محمد طه تم ابعاده من منصب النائب الاول بعد ان شعر البشير بالخطر منه. وأطاح البشير بالترابي قبل ان يطيح به.

 في مايو كان منصب النائب الاول لنميري منصباً (متغيراً) بصورة مستمرة لهذا استمر نميري رئيساً لمدة (16) عاماً.

 في جمهورية مصر العربية السادات كان نائباً لجمال عبدالناصر فأصبح رئيساً ومحمد حسني مبارك كان نائباً لمحمد انور السادات وأصبح رئيساً بعد مقتل السادات.. لذلك انتبه مبارك لذلك وجعل منصب النائب الاول في حكوماته شاغراً او تحت السيطرة التامة. وفي حكومة محمد مرسي اصبح وزير الدفاع رئيساً للجمهورية لأنه كان (الرجل الثاني) في حكومة مرسى.

 في دول العالم الاول النائب الاول للرئيس يبقى بعيداً عن الاضواء وتظل المهام التى توكل له مهاماً محددة وتشريفية لا تتقاطع مع مهام الرئيس التنفيذية والسياسية.

 لا يوجد في تلك الدول نائب اول يصرح في قضايا جوهرية من منطلق شخصي او يعقد مؤتمراً صحفياً او اتفاقية مع دولة اجنبية دون ان يكون كل ذلك محكوماً بسياسة الدولة وتحت ادارة القنوات المناط بها ذلك.

 هنا في السودان النائب الاول يتسلم نتيجة الشهادة السودانية بعد اجازتها من رئيس مجلس السيادة وينظم مباراة للسلام بين الهلال والمريخ في الجنينة لتغذية رصيده الشعبي . تبرع حميدتي بالنجيلة (التركية) لملعب استاد المريخ من ميزانيته الخاصة، غير السيارات التى يتبرع بها لمؤسسات في الدولة وجهات اهلية مختلفة. حميدتي وصل مرحلة التبرع بمرتب للعاملين عندما يزور احد القطاعات الحكومية في الدولة، وهذا امر لم يفعله حتى البرهان.

(3)

 هذه الوضعية يمكن ان تحدث خللاً كبيراً في الدولة وتضر بشكل واضح بأمن البلاد واستقرارها، خاصة في ظل التباين الواضح الذي ظهر في التصريحات الاخيرة بين مواقف الجيش ومواقف الدعم السريع من السلطة.

 اذا كانت الدولة والحكومة تدار بالرجل الثاني فهذا امر سوف تكون عواقبه وخيمة.. ونتائجه كارثية .

 لا بد من تصحيح الاوضاع – وحل مجلس السيادة بكل اعضاء مجلسه قبل 25 اكتوبر، ان كان هناك حرج من النائب الاول خاصة ان الوثيقة الدستورية اصلاً لا يوجد فيها تعريف للنائب الاول ولا تخصص له شيء او توكل له مهام.

 من العجائب انهم اطاحوا برئيس الوزراء الذي جاءت به (الوثيقة الدستورية) وشكلت له الحماية الدستورية والشعبية وحددت مهامه في الوقت الذي اخترعوا فيه من العدم منصب النائب الاول لرئيس مجلس السيادة الذي لا يوجد اصلاً في مواد الوثيقة الدستورية (المتفق عليها).

 بعد الاطاحة بالسيد رئيس الوزراء في 25 اكتوبر تمت الاطاحة بالأعضاء المدنيين في مجلس السيادة ليبقى المجلس خالص للجيش والدعم السريع والحركات المسلحة.

 رئيس الوزراء المنصب (الدستوري) والأول في الدولة والمحدد في الوثيقة الدستورية غير موجود .. والنائب الاول لرئيس مجلس السيادة الذي لا يوجد له تعريف في الوثيقة الدستورية يباشر مهامه في السلطة من خلال ذلك المنصب غير الدستوري.

(4)

 بغم

 الشهادة السودانية هى الاخرى يريدون ان يجعلوها (عسكرية)!!

 الجيش والدعم السريع يتنازعون حول الشهادة السودانية .. وهي شهادة (مدنية) خالصة.

 وكل الطرق تؤدي الى (المدنية).

صحيفة الانتباهة