من يرفض الحقيقة قطعا سيحتفي بالإشاعة
محجوب مدني محجوب
احتفى منتسبو الإنقاذ بقدوم محمد طاهر إيلا إلى شرق السودان بعد غياب دام أربع سنوات.
والسؤال:
لماذا غاب الرجل كل هذه الفترة؟
ولماذا عاد؟
غاب الرجل لأن الشارع انتفض.
وعاد الرجل لأن الشارع خمد وسكن.
يبدو أنه لا إجابة غير هذه الإجابة.
وعودة إيلا رسالة لكل من نفد بجلده إبان الثورة؛ ليعود مطمئنا لا يخشى شيئا.
الشيء السخيف الذي يصل حد النكتة وكما قيل (شر البلية ما يضحك) هو اختزال الإنقاذيين الثورة في جسم (قحت).
ولكن من جانب آخر يلتمس إليهم العذر إذ كيف ينسبون طردة الإنقاذيين من السودان للشارع السوداني؟
لا تستقيم الحبكة هنا.
فلا يمكن أن ترجع مرة ثانية لتحكم من طردك.
فأسلم حل لهذه العقدة هو إلباس الثورة ثوب (قحت)، وعدم الإشارة إطلاقا لأي ثورة، ولأي شهيد سقط في هذه الثورة.
وإياكم أحد يتكلم عن أي مجزرة.
كل الحديث بعد عودة محمد طاهر إيلا يجب أن يكون عن (قحت) وعن الحزب الشيوعي النتن.
فهنا يستقيم الاحتفال، وهنا تستقيم العودة، وهنا يعود إيلا واليا للشرق، وواليا للجزيرة، ورئيسا للوزراء.
لقد احتفيتم يا أهل الإنقاذ، ولم تتنازلوا إطلاقا منذ أن قامت الثورة، وأخذتكم العزة بالإثم بمن خرج الشعب عن بكرة أبيه يهتف بطرده.
لقد احتفيتم بكل من ينتسب للمؤتمر الوطني والثورة في عظمة اشتعالها وفي قمة قوتها.
ألا تحتفلون بمحمد طاهر إيلا الذي جاء عيانا بيانا بعد أن خمدت جذوة الثورة؟
أما الحقيقة التي تخفى على الكثيرين، ولن يأتي يوم ويستوعبونها هي أن أكثر من خسر جراء هذه الثورة هم الإنقاذيون.
حيث أنهم خرجوا بسببها ودخلوا مرة ثانية، وكأنها لم تكن موجودة.
من لم يعتبر ويفهم الدرس ستكون عاقبته وخيمة.
ألا فليدرك الإنقاذيون أن عاقبتهم وخيمة.
وليتعلقوا بقحت؛ لتكون شماعة لهم للهجوم على الثورة كما تعلق فرعون بهامان.
وليتعلقوا بسلطان زائف كما تعلق فرعون بالركض خلف نبي الله موسى عليه السلام وصحبه.
ألا فلتتأكدوا أن الثورة القادمة ستزيلكم من الوجود.
ألا فلتتأكدوا أن الثورة القادمة ستغرقكم كما أغرق البحر فرعون.
نادوا من هرب منكم في أصقاع الدنيا وتجمعوا مرة ثانية كما أوحى إليكم محمد طاهر إيلا لتروا نهايتكم بأم أعينكم.
وتنادوا في المدائن حاشرين ليرى سحركم على حقيقته.
فبداية الثورة معكم كبداية موسى مع فرعون.
فكما أنه لم يوجد أن أرعوى طاغية وعاد إلى صوابه، فكذلك لن يرعوي الإنقاذيون بعودة محمد طاهر إيلا.
وكما أنه لم يؤمن من قوم فرعون سوى السحرة، فكذلك لم يؤمن من الإنقاذيين سوى من قام بالثورة.
وكل من ظل مع الطاغية عمر البشير قبل وبعد الثورة فسيغرق لا محالة.
هكذا علمنا التاريخ.
وإن غدا لناظره قريب.
صحيفة الانتباهة