مقالات متنوعة

بخاري بشير يكتب: مجانبة العدالة.. في عهد الثورة!


ما يفوق الاثنين ألف مواطن كانوا يسترزقون في أعمال ومهن مختلفة بسوق (الله أكبر)؛ تفاجأوا بأن جرارات ولودرات المحلية؛ قد وقفت أمام محالهم ودكاكينهم؛ وجرفتها؛ وجعلتها في لحظات مجرد ركام.. تم كل ذلك من غير مسوغات قانونية أو أوامر مكتوبة؛ وفقد هؤلاء المساكين مصادر دخولهم؛ وأماكن أرزاقهم.. وقيل في المثل (قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق).

ما حدث بسوق ليبيا في شهر أغسطس الماضي؛ بازالة عدد كبير من الدكاكين في منطقة عرفت بالشريط الخدمي؛ يتنافى مع أبسط قواعد العدالة والمنطق السليم؛ بحيث لا يمكن لأي جهة كانت أن تقوم بالازالة دون حكم قضائي.. وأن يتم ذلك دون تحديد لاي نوع من أنواع المخالفات؛ الأمر الذي جعل المتضررين يلجأون الى القانون.

المتضررون التزموا بكامل واجباتهم تجاه المحلية؛ واستصلحوا المكان بصبرهم وأموالهم؛ وقاموا بتوقيع عقدهم مع المحلية في العام 2004 ومدته 25 سنة.. ومن بنود العقد أن يتمتعوا بهذه المنفعة؛ ويمكنهم تشييد ما يرونه بعد اخطار المحلية؛ ودفعوا للحصول على العقد كامل مدخراتهم وأموالهم؛ وكانت في ذلك الوقت تعادل (3 مليون دولار)؛ هذا بخلاف الذي دفعوه من حر مالهم لاستصلاح الأرض التي كانت مكب نفيات وأوساخ؛ وكانت عبارة عن (حفر).

لأسباب (مجهولة) وغير معلومة وجدوا انفسهم تغلق أمامهم أبواب الرزق.. وتسلب منهم كل هذه الحقوق.. بعد أن برزت اشكالية بين وزارة التخطيط العمراني والمحلية في ملكية الأرض.. ولا يعقل منطقاً وقانوناً؛ أن تكون طرفاً في عقد بكامل صلاحياته؛ وتقوم الجهة التي شاركتك في العقد بفضه بهذه الطريقة (المريبة) والتي لا يسندها القانون.. ومعلوم أن العقد هو شريعة المتعاقدين.

يقول المثل (ما ضاع حق وراءه مطالب).. لذلك سيظل هؤلاء المظلومون يطالبون بحقوقهم كاملة غير منقوصة؛ حقهم في الأرض لأنهم من استصلحها واوجدها من العدم؛ وحقهم وفق بنود العقد؛ وهم من قام بسداد كامل مستحقات الحكومة؛ وحقهم في (الخسارات) التي طالتهم وطالت أسرهم؛ وتعويضهم التعويض اللازم والعادل.

كل من تمت استشارته من أهل القانون؛ أكد واثبت ان الخطأ واضح ولا لبس فيه ولا غموض؛ وقد وقعت فيه المحلية؛ وهي تستنفر آلياتها للازالة غير المسنودة بقرار أو قانون.. وقال اهل القانون إن الحق سيعود لأصحابه وفقاً لضوابط القانون؛ سواء أكان بالتحكيم أو بلجنة محايدة؛ أو عن طريق القضاء.

المستغرب له أن هناك أطرافاً واسعة من نافذين في الدولة تدخلوا لايجاد حلول لهذه المظلمة البينة- وكان رأيهم نازع لاحقاق الحق- ورفع الظلم عن هذه المجموعة.. ورغم ذلك لا زالت القضية تراوح مكانها؛ وكأنما هناك طرف لا يريد للحق والعدل أن يأخذ مجراه.. اضحت القضية الخاصة بهؤلاء الاخوة قضية رأي عام؛ تناولتها بعض وسائل الاعلام؛ لأنها التمست فيها بوضوح ضياع الحقوق.

استخدام السلطة لظلم المواطنين أمر غير مقبول في حكومة ما بعد الثورة في ظل حكم يتطلع اليه الناس لتحقيق العدالة والمساواة بينهم؛ في عهد الثورة رفعت شعارات كثيرة ؛ أهمها انفاذ الحقوق وتحقيق المساواة.. فكيف ترضى السلطات أن ترفع شعارات العدل والعدالة والشفافية والمساواة؛ وهي أبعد ما تكون عن تحقيق هذه العدالة في ممارساتها مع المواطنين.

صحيفة الانتباهة