مقالات متنوعة

عبد الله مسار يكتب : السلطان سليمان القانوني


قيل إنّ السلطان سليمان القانوني رحمه الله، أخبره موظفو القصر أن النمل استولى على جذور الأشجار في قصر (طوبي قابي)، واستشار أهل الخبرة، فأشاروا إلى دهن جذور الشجر بالجير، ولكن أشار السلطان إلى مفتي الدولة وهو شيخ الإسلام، فذهب إلى المفتي بنفسه يطلب منه الفتوى فلم يجده في مكانه. فكتب له رسالة ببيت شعر يقول فيها:
إذا دب نمل على الشجر
فهل في قتله من ضرر
ولما قرأ الشيخ أبو السعود مفتي الدولة الرسالة أجابه بقوله:
إذا نصب ميزان العدل
أخذ النمل حقه بلا وجل
وهكذا كان دأب السلطان سليمان فقد كان لا ينفذ أمراً إلا بفتوى علماء الإسلام.
ولما توفي السلطان سليمان أثناء سفره إلى فيينا قبل معركة زيكتور، عادوا بجثمانه إلى إسطنبول، وأثناء التشييع وجدوا أنه أوصى بوضع صندوق معه في القبر، فتحيّر العلماء وظنوا أنه ملئ بالمال، فلم يجيزوا إتلافه تحت التراب، وقرروا فتحه، فأخذتهم الدهشة عندما رأوا الصندوق ممتلئاً بفتاويهم حتى يدافع عن نفسه يوم الحساب.
فراح الشيخ أبو السعود مفتي الدولة العثمانية يبكي قائلاً:
لقد أنقذت نفسك يا سليمان فأي سماء تظلنا وأي أرض تقلنا إن كنا مخطئين في فتاوينا
ومما يُروى عن السلطان سليمان القانوني قوله (عندما أموت أخرجوا يدي من التابوت، لكي يرى كل الناس أنه حتى السلطان خَرجَ من هذه الدينا بيدٍ فارغة).
هذه سيرة السلطان سليمان القانوني، الذي شوّه صورته الفرنجة بمسلسل حريم السلطان، ذلك المسلسل القذر.
لقد بلغت مساحة دولته 24 مليوناً، كم موزعة اليوم على
40 دولة.
كان السلطان سليمان القانوني شاعراً وخطاطاً مجيداً، خط القرآن الكريم بيده 8 مرات، وكان يجيد عدداً من اللغات، منها اللغة العربية، وكان يُلقّب بسلطان المثقفين ومثقف السلاطين.
دام حكمه 47 سنة، وقضى منها 10 سنوات على فرسه غازياً في سبيل الله، وقاد بنفسه 13 حملة عسكرية،
وفي عهده فُتحت صربيا والمجر وجنوب أوكرانيا ورومانيا وبلاد القوقاز، ووصلت قواته إلى النمسا في قلب أوروبا.
في عهده حُرِّرت الجزائر وليبيا من الاحتلال الإسباني، والعراق من الاحتلال الصفوي، وحُرِّرت البحرين واليمن وخليج عدن من الأساطيل البرتغالية الصليبية، وكان يعتبر فرنسا ولاية تابعة لدولته ويتدخل في شؤونها.
وفي عهده، تنازلت فرنسا عن ميناء طولون، حيث أصبح قاعدة إسلامية مهمة في غرب أوروبا.
لما مات السلطان سليمان، دقت اجراس الكنائس في أوروبا فرحاً بموته وجعلوا يوم وفاته عيداً.
قال عنه المؤرخ الألماني هالمر انه كان أخطر علينا من صلاح الدين نفسه.
هذا هو السلطان سليمان القانوني الذي شُوِّهت صورته حتى لا يسجله التاريخ بطلاً إسلامياً، حيث أن الفرنجة كانوا يعملون ليل نهار لتشويه صورته حتى لا يكون قدوة حسنة للحكام المسلمين، وكذلك انتقاماً منه لأنه فتح أوروبا.
وعليه، نحتاج لإعادة كتابة التاريخ الإسلامي من فجر الدعوة حتى الآن الذي شوّه المؤرخون المستشرقون وكتب على هوى أعدائهم، ووصفوا حكام المسلمين بأرذل النعوت والصفات، حتى هارون الرشيد الذي كان يخاطب السحاب ارعدي حيث ما تمطري يأتينا خراجك، والخليفة عمر بن عبد العزيز الذي كان يوجد في دولته فقير.
نسأل الله تعالى للسلطان سليمان الرحمة والمغفرة.

صحيفة الصيحة