مقالات متنوعة

اصطياد أهل الإنقاذ في لجة فشل الثوار

محجوب مدني محجوب

البعض بكل جرأة وبكل قوة عين يريد ببساطة أن يوحد بين هذين المكونين (الإنقاذ والثورة).
بعد كل ما بذله الشعب من تضحيات وشهداء وآلام وآمال يريدون هكذا أن يستمر الوضع على ما هو عليه كما كان قبل ثورة ١٩ديسمبر ٢٠١٨.
بل وصلت جرأة البعض بأن رشح رموز النظام البائد لرئاسة وزراء الحكومة المرتقبة.
حسنا.
كيف يستقيم هذا الاتجاه مع قيام الثورة وخلعها ونبذها لرموز نظام الإنقاذ؟
كيف يستقيم هذا الاتجاه مع انتفاضة الشارع وغليانه وامتناعه من أن يبرد إلا بعد أن أزاح كابوس الإنقاذ؟
للذين يريدون أن يعود رموز الإنقاذ، وكأنه لم تكن هناك ثورة، ويريدون أن يدخل هؤلاء الرموز في قائمة ترشيح رئاسة الوزراء، ويريدون أن يمارس المؤتمر الوطني نشاطه في ليالي سماء الخرطوم.
من يريدون ذلك فلا يخلو مسعاهم هذا من أحد احتمالين:
الأول: إما أن يكون هذا الشعب يعاني من فقدان حاد في الذاكرة.
الثاني: أو أنه لم تكن هناك ثورة أصلا، وكل ما تسبب في إزاحة نظام الإنقاذ مجرد سراب.
ونحن من سذاجتنا وبعد أن صارت الثورة حقيقة ماثلة كنا نظن أن منتسبي الإنقاذ سيعترفون بظلمهم لهذا الشعب.
كنا نظن أنهم سيعتذرون لهذا الشعب.
فإذا بهم الآن حسب دعمهم لرموز الإنقاذ ولنشاط المؤتمر الوطني ليسوا فقط بعيدين عما نطلب بل هم يسعون لنسف الثورة من أساسها.
ويريدون أن يثبتوا لأنفسهم قبل غيرهم أنه لا يوجد ثمة ثورة، وبالتالي لا يوجد ثمة غياب لهم.
وأنه كل ما حدث في الأمر بالنسبة لهم سحابة صيف سرعان ما انقشعت، والدليل على ذلك استهتارهم وعدم اعترافهم بالثورة، ومما يدل على ذلك حديثهم من أن رموز الإنقاذ عادوا بأفضل مما سبق.
حديثهم بأحقية المؤتمر الوطني ذلك الحزب الذي ثار الشارع عليه إلى أن أسقطه يرون اليوم أحقيته لممارسة نشاطاته وبذات وجوهه السابقة.
يريد أهل الإنقاذ أن يثبتوا من خلال حملتهم هذه الأيام بأنهم كانوا وما زالوا على حق، ويريدون أن يثبتوا للجميع أن من كان مخطئا هو الثورة وليس هم.
أن الثورة هي من أساءت للوطن وليس هم.
يريدون أن يثبتوا ذلك وعدة أسباب جعلتهم يخرجون من قمقمهم ويقولون ذلك منها:
* عدم قدرة الأحزاب والمكونات السياسية من إدارة الفترة الانتقالية.
* عدم إثبات أي جريمة عليهم إذ ظل القضاء عاجزا من محاكمة رمز واحد من رموز الإنقاذ.
* الحكومة التي انفرد بها الفريق البرهان والتي أوشكت لإكمال العام جعلت من إيجابيات التغيير أمرا مشكوكا فيه.
فلا المكون المدني استطاع أن يزيل حكومة الفريق البرهان.
كما أنه لم يستطع أن يعيد ثقته لدى الشارع تلك الثقة التي تزعزعت إبان ممارسة هذه القوى للحكم في الفترة التي أعقبت سقوط الإنقاذ.
أزاء هذا المناخ المفكك والضعيف لقوى الثوار مع عدم اعتراف الإنقاذيين بفشلهم وسقوطهم كل هذا أوجد هذه الموجات التي تمجد من رموز الإنقاذ بل وتقدمهم للترشيح لرئاسة الوزراء، وتهاجم كل من يمنع نشاط الحزب المخلوع من ممارسة نشاطه.
إن الحقيقة التي يجهلها الإنقاذيون هو أن فشلهم لم يكن من خارجهم.
لم يكن بسبب قوى خارجية تكالبت عليهم كما يدعون.
جل فشلهم كان بسبب فشل سياستهم.
جل فشلهم بسبب تعلقهم بالسلطة وتمسكهم بها لدرجة المرضية.
جل فشلهم بعدم محاسبة من تجاوز واستغل منصبه.
جل فشلهم بأنهم عملوا على استخدام سياسة الجزرة والعصا في الانضمام لعضوية حزبهم الحاكم، وبعد سقوطهم اختفت تلقائيا كل من الجزرة والعصا.
لكل ذلك فإن التسليم بفشل تداعيات الثورة لن يصوب مسيرتهم.
التسليم بفشل تداعيات الثورة لن يمنعهم من السقوط مرة ثانية.
إن استغلال الشلل العام الذي تمر به البلاد لن ينفع منتسبي الإنقاذ في شيء، وإن كانوا يظنون بأنهم أذكياء باستغلالهم لهذا الفشل والعجز العام ألا فليعلموا أن إدارة الدولة لا تقام بأنقاض الآخرين.
ألا فليعلموا أن الفشل لا يدعمه فشل آخر

ألا فليعلموا أن السوء لا يعالج بالسوء.
فلتسقط الثورة ولتسقط القوى المدنية فكل هذا لم ولن يمنحها القوة.
فإن استعان أهل الإنقاذ من أجل أن يعودوا باستغلال الظرف الذي تمر به البلاد الآن، فبئست الاستعانة هي وبئس الرأي هو.

صحيفة الانتباهة