محمد أحمد الكباشي يكتب: بين الموارد المعدنية والزكاة
الطريقة التي تنتهجها الشركة السودانية للموارد المعدنية مع مجتمعات الولايات في ما يخص المسؤولية المجتمعية من حجم انتاج الشركات العاملة في مجال التعدين امر يدعو للدهشة والاستغراب، ويبدو ان نظرة الشركة هنا مركزة فقط في التحصيل من ايرادات الذهب دون النظر الى حقوق اصحاب الارض او ما يعرف بالرضاء الاهلي، ثم عدم اكتراث الشركة الى الآثار السالبة علي المواطنين بسبب مخالفات الشركات وعدم التزامها بالاشتراطات الصحية، وبدلاً من ان تكسب الشركة السودانية مزيداً من الاراضي في مقابل تحسين علاقاتها مع المجتمعات لا تابه ادارة الشركة بتضييق الخناق على نفسها للاسباب التي اشرت اليها.
وخلال الشهر المنصرم تقدم والي القضارف محمد عبد الرحمن بشكوى الي رئيس مجلس السيادة مطالباً بحقوق ولايته من موارد التعدين، حيث تحتل ولاية القضارف المرتبة الثانية في الإنتاج القومي من بين ثلاث ولايات، وحينها وجهنا انتقادات الى الشركة السودانية للموارد المعدنية باعتبار انها لم تراع حقوق اهل الولاية ضمن المسؤولية المجتمعية.
ولم يتوقف صراع الشركة السودانية للموارد المعدنية مع بعض ولاة الولايات، بل وصل الخلاف بينها وبين ديوان الزكاة الاتحادي هذه المرة الى ان هدد امين ديوان الزكاة إبراهيم موسى عيسى باللجوء الى وزارة العدل بسبب القرار (90) المعني بالتعامل في أموال المسؤولية المجتمعية وقضية تحصيل زكاة المعادن بواسطة الشركة، وأن تحصيل زكاة المعادن بواسطة الشركة السودانية للموارد المعدنية غير قانوني، بينما وصلت متأخرات الزكاة لدى الموارد المعدنية الى (7) تريليونات جنيه.
امين ديوان الزكاة الاتحادي الذي كان يخاطب مواطني منطقة البطانة بولاية القضارف، اكد على احقية اهل المنطقة في نصيبهم من زكاة المعادن كاملاً، وأضاف قائلاً: (الظلم مرفوض، وهذا يستوجب على الشركة السودانية اعادة النظر في سياساتها تجاه الولايات ان هي ارادت ان تمضي في طريق النجاحات).
والحديث عن المسؤولية المجتمعية يقودنا للحديث عن ادوار زكاة القضارف، ومن خلال هذا الاهتمام فقد ارتفعت المساحات الزراعية للأراضي المستردة في الشريط الحدودي لهذا العام الى 20 الف فدان في الفشقة الصغرى والفشقة الكبرى وشرق سندس بمحلية القلابات الشرقية، وذلك بعد توفر التمويل اللازم والآليات الزراعية والتقاوي والاسمدة والمبيدات، وعبر اهتمام شخصي لامين الزكاة بالولاية بشير محمد عمر امين، حيث تم تخصيص 250 مليون جنيه لفلاحة عشرين ألف فدان في الشريط الحدودي لصغار وكبار المزارعين، بل ان هذا التمويل استفاد منه نحو أربعة آلاف مزارع قاموا بفلاحة الأرض، منها ستة آلاف فدان زرعت بالمحاصيل المختلفة في الفشقة الصغرى، وأربعة آلاف وخمسمئة فدان في الفشقة الكبرى، والفا فدان في شرق سندس بالقلابات الشرقية، ومساحة سبعة آلاف وخمسمئة فدان من الحيازات الصغيرة.
وكل هذه النجاحات والمشروعات والعطاء جاءت في ظروف بالغة التعقيد من تراجع في الموارد واضطرابات أمنية واحتكاكات قابلها العاملون في الزكاة بمسيرة عطاء ممتدة، وهو ذات الأمر الذي نأمل أن ترتقي اليه الشركة السودانية للموارد المعدنية للايفاء بالمسؤولية المجتمعية، والقيام بدورها على اكمل وجه في التنمية والخدمات.
صحيفة الانتباهة