عادل عسوم.. خطرفات بنج
ادخلت قبل يومين إلى عملية جراحية يلزمها بنج، وعندما كنت في طريقي إلى المستشفى بجوار ابني الذي يسوق، كنت أقرأ بعض الأخبار الواردة في الصحف من الجوال، ومنها خبر يقول فيه جعفر حسن عثمان بأن الناس ينبغي أن يقيموا لهم تمثالا (يقصد نفسه ومن معه في جناح الحرية والتغيير).
لعل هذا الخبر تسبب في خطرفاتي مع بدء سريان البنج في جسمي، إذا بي أرى جعفر يتأبط رزمة من الاوراق خارجا من لقاء (ليلي) مع العسكر، وانطلق مسرعا إلى مكان تواصل فيه مع (سيدي)، والسيد رجل يحب كل الذين يحملون اسم جعفر لكون اسم ابنه أيضا جعفر، فابتسم له وهش وبش بعد أن اطلع على فحوى الاتفاق، ورفع يديه وكشحه بفاتحة كاربة، اذ لايهم أن يكون من أتاه بالاتفاق مؤيدا لفصل الدين عن الدولة او ساعيا حتى لتفصيل جلابية كستور من الدين.
ويخرج جعفر مزهوا بالرضى وهو يمني النفس بوزارة (السفارات والسفراء) أقصد وزارة الخارجية في الاتفاق الجديد، حيث قال وهو يبتسم:
هي حاجة اسماء كانت أحسن مني في شنو؟! واللا عمر قمر الدين؟ واللا مريم الصادق؟! أقلاها أنا أطول منهم.
وعلى ذكر الدكتورة مريم الصادق المهدي إذا بي أرى في البعيد جلسة عمادها جنابو عبدالرحمن الصادق وهو يجلس أمام اشقائه مريم والصديق، وقال وهو يشير اليهم:
زمااان قلت ليكم مباراة الشيوعيين دي بتوديكم ال….
توج، لكن ماسمعتو كلامي، أها خمو وصرو، ثم تناول تلفونه واتصل برقم وهو ينهض قائلا:
السلام عليكم يا شيخ علي كرتي، وتحرك والجا إلى الغرفة المجاورة تحاشيا سماع تفاصيل المكالمة.
واذا بي يأتيني من البعيد صوت محمد الفكي وهو يتحدث مع شخص لم استطع تبين صوته في الطرف الآخر، وقال وهو يرد على حديث الرجل:
ياخي البعثيين ديل نحنا من البداية طلقنا ليهم يدهم، واتنازلنا ليهم زي ماعارف عن الحتة الفيها المطايب كلها، لكن ما انستروا، وفوق دا جابوا لينا الكلام، وهسي البرهان دا قال القسمة ما علي اتنين زي المرة الفاتت، وبيني وبينك البعثيين ديل اصلا هم والشيوعيين دافننو سوا، عشان كدا فرزناليهم عيشتهم لأنهم مارضوا بالقسمة، وبعد دا بي طريقتهم، ونحنا لو ما وافقنا بالأدانا ليهو الجيش دا؛ الكيزان ديل راجعين راجعين، لأنو حتى فوكلر قدر مادفر لينا وضاير ما قدر يعمل حاجة، وموضوع الدستور الجديد بتاعنا زاتو الشيوعيين ومعاهم البعثيين بدوا يحفروا ليهو، فلم يجد محدثه بدا من إغلاق الهاتف.
قلت لنفسي:
الخاسر الأكبر من هذه التسوية القادمة هو حزب الأمة، فالحزب الاتحادي قادم بقوة، إلا اذا تنحت الدكتورة مريم والحبيب الصديق، وتركوا مساحة لجنابو عبدالرحمن، وإلا فإنهما سيكونان سببا لطمر تأريخ الحزب و(سيمائه) في أوحال اليسار الذي لم يعهد عنه قطع أرض أو أبقاء ظهر أو نيل مقاعد تطلق الضهر في أي انتخابات منذ استقلال السودان.
وإذا بي، تدفع الممرضة سريري إلى خارج غرفة العمليات، ويبدأ البنج في الزوال تدريجيا، وحمدت الله والطبيب يقول لي مبروك العملية ناجحة مائة في المائة، فرردت عليه اللهم آمين، لكنني في قرارة نفسي كنت اعني عملية أخرى.
صحيفة الانتباهة