ما ليس (طبيعي) في زيادة أسعار الوقود
زيادات جديدة (فظيعة) على أسعار الوقود أعلنتها السلطات بالأمس وعادت (حليمة لقديما).. فرح الناس في الفترة السابقة وانتابهم بعض التفاؤل عندما (انخفضت) أسعار الوقود بسبب ضغوط نفذتها شركات القطاع الخاص.. وثار حينها جدل كبير بين الوزارة والشركات، وما حدث كان باعثاً لسرور قطاع واسع من المواطنين.
المحزن اليوم؛ أنه بعد (الانتعاش) الذي سرى في أوصال سوق الوقود؛ وأثر ذلك على الأسعار؛ جاءت هذه (الانتكاسة) بالزيادة الجديدة؛ ومؤكد أن الزيادة سيكون لها انعكاساتها على الأسعار والخدمات؛ باعتبار ان الوقود عاملاً أساسياً في كثير من مشروعات الانتاج وتبادل الخدمات.. وأكبر هذا الأثر ستتركه الزيادات على المنتجات الزراعية على وجه التحديد.
الزراعة قبل أن تواجه (أزمة) زيادة أسعار الوقود كان (الفيها مكفيها).. وكثيراً ما سمعنا (التحذيرات) التي أطلقها المزارعون؛ وتخوفهم الشديد من فشل الموسم الشتوي لأسباب قلة التمويل.. أو ضعف الاستعدادات الأخرى المتمثلة في توفير التقاوى والسماد في الوقت المطلوب وبالكمية المطلوبة.
كيف سيكون حال قطاع الزراعة بعد زيادة الوقود؟ التي اعتبرها كثيرون أنها (فجائية)؛ حيث لم تهيئ السلطات لها الطريق؛ وانما تمت فجأة ودون أي مقدمات؛ الأمر الذي سوف تكون عواقبه وخيمة على عدد من القطاعات المهمة كالزراعة والصناعة وزيادة أسعار (الخدمات) المقدمة سواء أكانت في النقل أو غيره.
الوزارة أعلنت الزيادة الجديدة لتصبح كالآتي: سعر لتر البنزين 620 جنيهاً؛ بينما سعر اللتر من الجازولين 720 جنيهاً.. والملاحظ انها المرة الأولى يصبح لتر الجازولين اغلى من لتر البنزين؛ وهذا يعني مزيداً من المعاناة في الزراعة التي يعتبر الجازولين أول مستهلكاتها؛ وسينعكس الموضوع على بقية اسعار المنتجات الأخرى.
ما لا شك حوله اثر هذه الزيادة على اقتصاد البلاد كله؛ واثرها في الصادر السوداني الى الخارج.. بسبب عدم قدرة الدولة على اجتراح الحلول المثلى في ادارتها لشأن الوقود.. ونتساءل ما هو موقف الدولة من الانتاج المحلي في الوقود؟.. وهل سعت مع الدول الصديقة خاصة في (المعسكر الشرقي) لزيادة انتاج النفط خلال السنين الماضية؛ أم كانت مشغولة في كيفية فرض مزيد من الضرائب على المواطن؟ لانفاذ سياسة وزير المالية الخاصة بـ(جيب المواطن).؟
العذر (الأقبح من الذنب) الذي ساقته الوزارة في تحديدها لأسعار الوقود قولها إن ذلك تم وفق المراجعات الشهرية للأسعار طبقاً للأسعار العالمية.. أليس من الرشد لهذه الوزارة أن تقوم بتقليص (الرسوم المفروضة) على هذا القطاع.. أو تقليل (الضرائب الكبيرة) على الوقود لتحافظ على الأسعار القديمة دون زيادة؟.. ام أن الأمر اصبح من المستحيلات؟. لانه وفقاً لشكاوى من (شركات القطاع الخاص) هناك رسوم كبيرة مفروضة من الدولة هي عبارة عن (قيمة مضافة) تصل الى (98-100) جنيه في اللتر الواحد.
الم يكن في استطاعة وزارة المالية القيام بالغاء هذه (الضريبة) أو تخفيضها بالحجم الذي لا يؤثر في الأسعار عند زيادة السعر العالمي؟.. طبعاً بديهي أن ذلك (ممكن) ولكن ما ليس (طبيعي) أن تفعل وزارة المالية ذلك.. لأن هذا أمر لم نعهده من المالية في عهد السيد جبريل.
بخاري بشير
صحيفة الانتباهة