مقالات متنوعة

محمد عبد الماجد يكتب: الصوارمي وخصخصة (الجيش)


(1)

 لم اكن اتخيل ان تصل الامور حد ان يتم الاعلان من مجموعة من الضباط المتقاعدين محسوبة على التيار الاسلامي – عن تكوين قوات عسكرية اطلقت عليها ( قوات دعم الوطن).

 ماذا بقي للفوضى والتفلتات الامنية و(9) طويلة؟ والدولة السودانية يتم الاعلان فيها عن قوات عسكرية (خاصة)!! يحدث ذلك عبر مؤتمر صحفي ولا يكون ذلك التنظيم في (السر) كعادة مثل هذه التنظيمات ليخرج التنظيم الى العلن بهذه الجرأة والاستخفاف بالدولة.

 هل بلغنا تلك المرحلة من الفوضى : (اكد القائد العام للقوات اللواء معاش الصوارمي خالد سعد – والذي كان يشغل منصب المتحدث الرسمي للقوات المسلحة السودانية في وقت سابق في مؤتمر صحفي عقد امس الاول بالخرطوم ان هذا الكيان جاء لعمل توازن عسكري للولايات التي كونت لها قوات مقاتلة تمكنت عبرها من استلام مناصب عليا بالدولة).

 من يفعل ذلك كان ناطقاً رسمياً للجيش وكان يدافع عن وحدته ويتحدث عن قوميته.

 كيف يكون التمرد ان لم يكن هذا هو التمرد نفسه ؟ وكيف هي الفوضى ان لم يكن ما قام به الصوارمي وهو متحدث سابق باسم الجيش هو عين (الفوضى).

 يفعل ذلك متحدث سابق باسم الجيش ولا يحدث من حزب سياسي او دولة خارجية ويقوم بهذا العمل عسكري برتبة لواء في المعاش – انهم لم يتركوا لنا إلّا ان نقول حسبنا الله ونعم الوكيل – اعداء السودان والعدو الصهيوني نفسه لا يمكن ان يفعل ذلك بالسودان – ويفعلون هم ذلك باسم الوطن.

 الشيطان لا يمكن ان يفكر بهذه الطريقة.

(2)

 ما قام به الصوارمي سوف يرفع عدد الجيوش في العاصمة الخرطوم الى احد عشر جيشاً – وسوف يكون ذلك التنظيم هو الخطوة الاكثر جرأة في اتجاه تخصيص الجيش. انهم يخصخصون القوات المسلحة.

 الصوارمي يريد ان يجعل القوات المسلحة (قطاع خاص).

 على هذا يمكن لأية جهة ان تعلن عن تكوين جيش خاص بها – ويمكن ان ينتقل الامر الى (القبائل) لتتم عسكرة الدولة بالكامل.

 يمكن ان يكون لشيخ الامين (جيش) ومحمد علي الجزولي (جيش) والتوم هجو (جيش) واشرف الكاردينال (جيش) وآدم سوداكال (جيش) وهدى عربي (جيش) وندى القلعة (جيش) ويتحقق على ارض الواقع شعار (فلترق كل الدماء).

 لهذا نطالب بالسلطة المدنية – عسكرة الدولة امر سوف يدفع فواتيره الشعب السوداني وسوف يكون ذلك من ارواح ودماء ابناء هذا الوطن.

 الحكومة (اذا وجدت) ان لم تحسم هذا الامر سوف تفتح على السودان ابواب جنهم وسوف يكون (الجحيم) هو طابع الحياة في السودان.

(3)

 حذر القائد العام للجيش السوداني، الفريق أول عبد الفتاح البرهان في كلمة ألقاها بقاعدة المرخيات العسكرية في أم درمان، يوم الأحد، السياسيين من التدخل في شأن القوات المسلحة.

 مثلما يطالب البرهان من السياسيين عدم التدخل في شأن القوات المسلحة يطالب السياسيون من القوات المسلحة عدم التدخل في (السياسة) والابتعاد عن (السلطة).

 اذا اصبحت السلطة (عسكرية) فذلك يعني بصورة تلقائية دخول (السياسة) للجيش – والانقلابات العسكرية في السودان تؤكد ذلك.

 ابتعاد الجيش عن السلطة هو الامر الذي سوف يجعل السياسيين يبعدون عن الجيش – لا يعقل ان تطالب من السياسيين عدم التدخل في القوات المسلحة في الوقت الذي تتدخل فيه القوات المسلحة في السلطة وفي السياسة وفي الاقتصاد وفي الرياضة وفي الثقافة وفي الفنون وفي صرفة الصندوق – وتريد بعد ذلك ان تبعد (السياسيين) عن الجيش.

 إضعاف الجيش الآن يحدث من اهل الجيش أنفسهم وليس من السياسيين ومؤتمر الصوارمي الناطق الرسمي السابق للقوات المسلحة الاخير يؤكد ذلك.

 هيكلة الجيش تعني الحفاظ على هيبته وقوته.. ولا تعني الخلخلة او الاضعاف او التفكيك.. دولة بدون جيش هي ليست دولة. لا يمكن ان يكون هنالك سياسي عاقل يعمل من اجل اضعاف الجيش.

 اننا نبحث عن جيش واحد وقوي وليس (11) جيشاً في الخرطوم وندرك ان وحدة هذا الوطن وسلامه وأمنه واستقراره في جيش قومي موحد.

(4)

 تقسيم أي دولة يتم اولاً عن طريق تقسيم الجيش – ظهور عدد من الجيوش والكتائب والحركات المسلحة سوف يقودنا الى التفتت والتمزق والدمار.

 الجيش (خط احمر) يجب ان يبعد عن الصراع السياسي – ننتظر من القوات المسلحة في هذه المرحلة الحرجة ان تكون اكثر تماسكاً – لأن تفكك الجيش هو تفكيك للسودان.

 نعرف ان ابناء القوات المسلحة سوف يقدمون مصلحة الوطن على كل شيء ولن يكونوا بأية حال من الاحوال جزءاً من الصراع وجزءاً من الفتنة.. وان استغلوا في السابق في ذلك.

 لا تلعبوا بأمن الوطن في صراعكم (السياسي) ولا تدخلوا (البندقية) في سباق الوصول للكراسي.

 ابعدوا الجيش عن السلطة حتى لا يكون الصراع في السلطة صراعاً (عسكرياً) وتدخل المليشيات طرفاً فيه.

(5)

 بغم

 الكيزان يكشفون انفسهم بأنفسهم ويقدمون انفسهم للمحاسبة دون ان يكون هناك حاجة الى اثبات الادانة عليهم، فليس هنالك (ادانة) اكثر من هذا الذي يقومون بهم.

 غازل الفلول (الجيش) وحاولوا ترويضه وبذلوا كل شيء من اجل ان يكسبوا وده، وعندما فشلوا في ذلك اتجهوا الى الخطة (ب) وهي محاولة تفكيكه والصدام معه وزرع الفتنة وإشعال نار النزاعات (العسكرية) بعد الفشل في اشعال نار النزاعات (القبلية).

 اللهم احفظ السودان.

 وكل الطرق تؤدي الى (المدنية).

صحيفة الانتباهة