بخاري بشير يكتب: لا يحدث هذا.. إلا في السودان!
بتنا نشك أن هذه البلاد (مسحورة.. أو منحوسة).. أي وصف يوصف المشهد.. لأن الذي نشاهده كل يوم يؤكد هذه الحقيقة (المؤسفة).. أصبحنا كل صباح نشهد حدثاً ما يمثل (عجباً) عند كثيرين.. ومن المستحيل أن تشهده دولة أخرى وتقف (ساكتة- وصامتة) .. ولا توقفه عند حده وفي طوره المائي.
تشكلت (جيوش خاصة) على مسمع من الدولة.. وتم الاعلان عن (انفصال) وتشكيل حكومة خلاف السلطة المركزية).. وصدرت حول ذلك البيانات؛ والتصريحات.. والدولة (صامتة- ولا تحرك بنت شفة).. من قبل؛ أغلقت (الموانئ).. وعانت البلاد ما عانت؛ من انسداد (حلق السودان).. فكاد أن يختنق الاقتصاد.. واصابت البلاد الأمراض التي لا برء منها؛ بسبب بؤس الحلول.. والسكوت على الأخطاء؛ فيا ترى أي (هوان) هذا الذي يعيشه السودان؟
ولا زال المسللسل مستمراً.. فبالأمس القريب أعلنت مجموعة عن (اغلاقها لمينائي بشائر 1- وبشائر 2 لتصدير النفط).. وقالت المجموعة في بيانها وعند سيطرتها على المينائين المذكورين .. انها ستستمر في (الاغلاق) لحين الاستجابة لمطالبها المشروعة.. بعض المراقبين ذكروا أن اغلاق مينائي التصدير سيتسبب في خسائر للدولة تصل لمليارات الدولارات سنوياً.
المجموعة التي أغلقت المينائين هي مجموعات سكان محليين من منطقة هوشيري – تقع جنوب مدينة بورتسودان .. وقال المتحدث باسم المجموعة إن (الاغلاق سيستمر) لحين ان تستجيب وزارة النفط لمطلوباتهم؛ وقال ان المطالب التي وضعت على منضدة وزارة النفط هي: دعم المشروعات التنموية بالمنطقة وتنفيذ مشروعات المسؤولية المجتمعية- وتعيين وتثبيت عدد 10 من الموظفين و55 من العمال- بالاضافة الى تغيير اسم الميناء من بشائر 1 الى ميناء هوشيري كحق أدبي واعتباري للمنطقة.
هذه الأحداث (العجيبة- والغريبة) باتت تتهدد الوجود السوداني؛ ولا أعتقد أن دولة في (كامل وعيها السلطوي) ممكن ان تقبل بها و(تبلعها) بهذه السهولة.. ولا أظن أن أي حكومة من حكومات (ما قبل الثورة)؛ ولنحسبها حتى نصل لأول حكومة بعد الاستقلال – ما كانت مطلقاً أن تقبل بمثل هذه (التصرفات) والأحداث التي تبدر من سودانيين بـ(شحمهم ولحمهم).
هذا (نهج جديد) تمكن من تلابيب البلد بعد ثورة ديسمبر المجيدة- الثورة التي منحت الحريات بلا سقف لتصل لدرجة الاعلان عن (انفصال) جزء عزيز من البلاد عن طريق تصريح واعلان لمكون (قبلي وجهوي).. ومعلوم أن (انفصال) الجنوب العزيز- نفسه الذي حدث- تم واكتمل من (ليل الأسى ومر الذكريات).. ولا زال يمثل (غصة) في حلوق المنادين بالوحدة والمطالبين بها من الشماليين والجنوبيين على حد سواء.
(النهج الجديد) الذي أرسته ثورة ديسمبر والذي جاء متدثراً بلباس (الحرية).. هو أن تكون السلطة المركزية – اياً كان مسوغ بقائها- شاهدة ولا تستطيع أن تواجه أي حدث بالرفض.. واستشرت مثل هذه التصرفات في جسد الوطن بدفع واسناد دولي ومخططات تآمرية تقودها دوائر أجنبية كل همها ومهمتها هي (تقسيم) هذه البلاد. حتى لا يكتب لها المستقبل أن تكون دولة (ذات شوكة ومنعة وقوة).. وهي مخططات لن تغيب عن أعين الشرفاء والوطنيين من ابناء السودان الأوفياء.
صحيفة الانتباهة