اقتصاد وأعمال

الزراعة في السودان .. مشكلات وحلول


تعد الزراعة من أقدم المهن الإنسانية وفيها مشقة كبيرة جداً للعاملين بها، وفي السودان هنالك حوالي (70%) من السكان يعملون في القطاع الزراعي ورغم تنوع المناخات وتعددها وخصوبة الأراضي البكر بمساحات شاسعة وتوفر المياه إلا أن القطاع الزراعي في السودان مازال تقليدياً ويواجه مشكلات كبيرة تتمثل في ضعف الانتاجية والاستخدام الخطأ للأسمدة والبذور وضعف تبني التقانات الحديثة والتكنولوجيا وكل تلك المشكلات تنعكس سلباً على المزارعين والذين يواجهون أوضاع اقتصادية صعبة ويعتبر المزارع الأكثر فقراً في شرائح المجتمع رغم مايبذله من جهد في الزراعة.

وبالأمس وضمن فعاليات معرض الخرطوم الزراعي في دورته الثالثة وبرعاية من شركة (جي ال بي) قدَّم مديرعام شركة (سي تي سي) بروفيسور مأمون إبراهيم ضو البيت ورقة بعنوان دور التقانات الزراعية في التنمية المستدامة في القطاع الزراعي وفي افتتاحية الورشة، أكد نائب المدير العام لشركة (جي ال بي) مأمون عبد الرحمن أن الشركة من الشركات الرائدة في مجال الزراعة في السودان، مشيراً إلى امتلاكها أحدث التقانات الزراعية وطرق الري بالمحاوروالآليات.
وقال: إن المشروع يدار دون تدخل من الكادر البشري من مرحلة الزراعة ويتم الحصاد آلياً، ودعا للوقوف على المشروع الخاص بالشركة والتعرف على التطبيقات الزراعية المتبعة.

ومن ناحيته أكد مقدم الورقة بروفيسور مأمون إبراهيم ضو البيت، أن الزراعة تساهم بحوالي (33%) من إجمالي الدخل القومي وهي المساهم الأكبر في الاقتصاد الوطني، منادياً بضرورة إصلاح القطاع الزراعي، موضحاً أن القوى العاملة به حوالي (50%) و(70%) يستفيدون كقوى من الأنشطة المرتبطة بالزراعة.

وكشف مأمون عن تداعيات كبيرة تواجه العمل الزراعي، وأوضح أن المساحة الصالحة للزراعة تبلغ (184) مليون فدان، والتي تساوي (10%) من موارد العالم.

ونبَّه إلى المشكلات والتكالب من القوى الدولية ودول الجوار على السودان لسبب موارد البلاد والتي لم تستطع الاستفادة منها بالصورة الصحيحة مما جعل السودان عرضة للاختراق.

وأقر بالفشل في إدارة موارد البلاد، وقال: إن متوسط إنتاجية المحاصيل (10%) وهي أكبر مشكلة تواجه المزارع رغماً عن توفر الفرص الواعدة للنمو وتنوع المناخات حوالي (6) مناخات واختلاف النظم المزرعية والزراعة المروية والمطرية والمحاصيل المتنوعة، وذكر أن هنالك دول تملك مناخ واحد ومحصول واحد ولكن أثبتت قدرتها على توفير الغذاء لسكانها.

وانتقد أن غالبية الزراعة في السودان تقليدية و(60%) من المساحة تزرع بآليات تقليدية في ظل توجه العالم نحو الزراعة الحديثة لتعظيم العائدات عكس مما يحدث في السودان فرغم التنوُّع وتباين المناخات وجاهزية الأراضي لا نملك الوسيلة المناسبة للتوظيف.

تحديات وعقبات
وكشف مأمون عن مشكلة كبيرة في ضعف الإنتاجية لكافة المحاصيل الزراعية رغماً عن توفركافة المطلوبات للعمل الزراعي.
واعتبر أن العاملين في الزراعة من أفقر الأشخاص عكس مزارعي الدول الأخرى، حيث تمثل الزراعة مصدر دخال عالي جداً، وعاب على البلاد الفشل في تحقيق الأمن الغذائي العربي، وكشف عن تهديدات تطلقها منظمات عالمية عن شبح المجاعة في عدد من ولايات البلاد، وتابع: دولة غير قادرة على تأمين غذاء إنسانها أمر مخجل وزراعة مساحات ضعيفة لا يرضي أحداً.

رفع الوعي
وأردف مأمون رغم مايحدث في الزراعة إلا أن هناك بوادر رفع الوعي من قبل العاملين في الزراعة بأهمية التقانات الحديثة ودورها، مضيفاً أن هناك تطوُّر ملحوظ في تبني التقانات واستخدام الأسمدة والتي تواجه مشكلة كبيرة فضلاً عن التوسع الصناعات المرتبطة بالمحاصيل الزراعية مثل: محالج القطن ومعاصر الزيوت، وهذا يعد مؤشراً على أن تبني التقانات الحديثة تمضي قدماً، ووصف السياسيين بأنهم أجهل الأشخاص بمتطلبات تطوير الزراعة.

استخدامات سيئة
وذكر أن العالم اتجه إلى استخدام الموارد الطبيعية لتطوير الإنسان وفي السودان مازلنا نصر على الإنتاج الحيواني منفصلاً عن الزراعي مما يفقدنا القيمة المضافة الحقيقية.

وطالب بتوفير أطر محددة للتمويل والتسويق ووضع منظومة اقتصادية متكاملة، وتفادي الاختلالات السابقة في عدم تسويق المحاصيل وتحديد أسعار السلم للحد من الخسائر المترتبة على المزارعين وتصنيف طبيعة الإنتاج وتطبيق التقانات والتكنولوجيا والأسمدة والبذور وغيرها واتباع الميكنة الزراعية ونظم الري.
ونبَّه إلى عدم الاستفادة من التطور العلمي مما يفقد السودان مانسبته (40%) من إنتاجية المحاصيل بسبب ضعف استخدام الأسمدة، فالمزارع في السودان يستخدم (4) كيلو جرام، للفدان الواحد وفي الأثناء يستخدم المزارع في إثيوبيا (16) كيلو جرام.
وشدَّد على أن الزراعة الحديثة تعتمد كلياً على الأسمدة وتركز عليها لتقليل تكلفة الإنتاج.

ونادى مأمون بالاتجاه نحو الميكنة الزراعية وإدخال نظم الري الحديثة وحصر المحاصيل التي يراد زراعتها لخلق تنافسية عالية والقضاء على مشكلات الزراعة كافة، وتفادي الممارسات الضارة بالعمل الزراعي وإدخال مفاهيم جديدة في الزراعة المستدامة وتأثير سالب يؤثراقل على الأراضي والحفاظ على التربة وصيانتها بجانب زيادة الإنتاج وتوفير الغذاء الآمن وفقاً لمنظومة وضوابط محددة، وحصر أهم مشكلات الزراعة في السودان في عدم تطوير التقانات ونقلها.
وقال: إن الزراعة لن تمضي للأمام إلا في حالة العمل المتكامل وتهيئة المناخ المناسب ووضع الضوابط والسياسات وإشراك القطاع الخاص للاستثمار في المجال الزراعي، مؤكداً الحاجة إلى التنسيق بين القطاعين العام والخاص وتوفير الإرادة السياسية والدعم الحكومي لتحريك القطاع الزراعي، وأوضح أهمية العلم والمعرفة للحد من المشكلات التي أقعدت القطاع ولتصبح الزراعة مستدامة وناجحة.

صحيفة الصيحة