مقالات متنوعة

عبد الله مسار يكتب : السياسي

قيل إنّ رجلاً غريباً دخل بلدة وهو ينادي أنا سياسي، أحل المُشكلات بين الدول وبين الأُسر والأقاليم وبين المُتنازعين من رجال المال والأعمال وبين الأفراد والأشخاص (أنا سياسي)، وسمعه الملك فقال أتوني به ودخل على الملك وبعد التحية سأله الملك من أنت، فقال أنا سياسي.

فقال الملك بل إنت سايس وعينه سايس، وقال له لي فرس أحبها، أريدك أن تهتم بها فتسلم الرجل الفرس من السايس السابق، وقال له السايس الأول محذراً هذه الفرس أعز للملك من نفسه أحذر أن تتحدّث له بعيوبها.

ثم نادي الملك على خدمه ليحضروا للرجل غرفة وفرشاً وأعطوه ثلاث وجبات مرقة دجاج ورز وباشر عمله سيسا لهذه الفرس وبعد مضي شهر هرب الرجل خوفاً من الملك فأمر الملك بإحضاره وسأله لماذا هربت؟

ربما وجدت عيباً في الفرس فقال الرجل مولاي أعفيني، فقال الملك أخبرني ماذا وجدت في الفرس، فقال الرجل اعطيني الأمان، قال الملك لك ذلك.

فقال الرجل هذه الفرس أصيلة، ولكن وكل من أخبرك أنها رضعت من أمها فقد كذب عليك.

فقال الملك كيف عرفت ذلك ووضع الرجل في السجن وأحضر الوزير الذي أهداه الفرس.

فقال له الملك كيف تهديني من فرس أصيلة ولكنها لم ترضع من أمها.

فقال الوزير مولاي سامحني لقد ماتت أمها عند ولاتها ولديّ بقرة أرضعتها منها

فأخرج الملك السايس وقال له كيف عرفت ذلك.

قال السايس الفرس الأصيل عادةً يأكل من معلف على رقبته وهي مرفوعة الرأس، أما فرسك هذه تبحث عن الطعام على الأرض مثل البقر.

فقال الملك للخدم خذوا الرجل واطعموه دجاجاً، على أن يسوس هذه المرة زوجتي

ثم أخبرت الملكة ان هذا الرجل سيقوم بخدمتها وصيفاً ومستشاراً بأمر الملك وقاض لحاجياتها.

ثم بعد فترة سأله الملك ماذا عرفت من أمر الملكة.

فقال السايس أعطني الأمان، فقال الملك تكلم. فقال الرجل إنها تربية ملوك ولكنها ليست بنت ملوك.

فوضعه الملك في السجن وارسل الى ابوها وهو ملك مجاور له وجاء اليه فسأله عن الملكة، فقال إن اتفاقاً بينه وبين أب الملك أن يزوج ابنته لهذا الملك بعد تكبر ولكنها توفيت في المهد وجيء بطفلة من الغجر وربيت في كنف الملك ولما كبرت زوجت له.

فأرسل الملك للسايس وقال له كيف عرفت أنّ الملكة ليست بنت ملوك ولكنها تربية ملوك.

فقال السايس للملك إن لها غمزة وهي من عادت الغجر يغمزون حين يتكلمون،

فقال الملك هذا الرجل داهية فلأجعلنه مستشاراً لي وامر الخدم بإطعامه خروفاً في إفطاره وغداه وعشائه.

ثم يجلس معه للاستشارة ومكث عنده فترة وهرب، ولكن الملك أمر بإحضاره وأمره ماذا عرف عنه فقال السايس، من قال لك إنك ابن ملك فقد كذب فابحث عن أصلك.

فذهب الملك إلى أمه وقال لها أنا ابن من؟

فقالت له أمه كان أبوك ظالما ولا ينجب يتزوّج البنت وبعد أشهر لم تلد فيذبحها،

فكان لا بد لي من الولادة أو الموت وكان في القصر طباخاً.

فأنت ابن ذاك الطباخ. وهنا أحضر الملك السياسي وسأله كيف عرفتني.

فقال الرجل ان الملوك تهب وتعطي الذهب والمال والفضة وانت تهدي مرق الدجاج والأزر ولحم الدجاج ولحم الخراف وهذه صفة الطباخين.

السودان يحتاج لسياسي من هذا النوع حتى يستطيع ان يحدد لنا كثيرا من السفراء من اي ملة هم ولماذا جاءوا الى السودان وليسوس بعض الساسة في السودان لماذا يهرعون الى السفارات ويتآمرون على أوطانهم. وليحدد لنا بعض الشعب لأي ينتمون.

إنها محنة السودان الآن.

بعض من أجانب وبعض من نخب وساسة وبعض من شعب

إنها مأساة وطن اسمه السودان.

تحياتي،،،

صحيفة الصيحة