فوز سعودي بطعم الذكريات
لا أتفق مع الذين يصفون فوز المنتخب السعودي على الأرجنتيني بالمفاجأة، المفاجأة عادة تحدث عندما يفوز فريق لاتأريخ له، ولاغرو أن تأريخ المنتخب السعودي لتليد في عوالم كرة القدم.
ان نسيت فلن انس صوت المعلق المحبوب علي داوود وهو يتحدث عن مهارة طيب الذكر ماجد عبدالله وهو (يكسر طقم الصيني كلو)، يومها كنا طلبة يفع في جامعة أم القرى عندما كان مقر الجامعة في منطقة الحوض/ العزيزية بمكة المكرمة، وما كانت التلفزيونات حينها شاشات، انما صناديق ضخام تنوء بالعصبة أولي القوة من الرجال.
نجلس القرفصاء شاخصين إلى التلفزيون والآذان منا مشنفة لمتابعة صوت على داوود، وكذلك شيخ المعلقين محمد رمضان والاستاذ زاهد قدسي، أسأل الله الرحمة لمن انتقل منهم إلى رحمة الله، والدعوات بالعافية لمن بقي.
وكان الأخضر -ولم يزل- ينتزع الكؤوس وينال البطولات، عربية، وآسيوية، وقارية، اضافة إلى منافسات كأس العالم الذي لم يأته الأخضر في دوحة العرب اليوم لأول مرة.
أقول للذين تفاجأوا اليوم بفوز السعودية على الأرجنتين؛ لعلكم لاتتذكرون هدف سعيد العويران الاسطوري في المرمى البلجيكي في نهائي كأس القارات عام 94 في أمريكا، يومها كانت بلجيكا أقوى من الأرجنتين اليوم، وقبل بداية المباراة تحدث رفاقكم من المحللين الرياضيين عن فوز لبلجيكا وبمهرجان من الأهداف، لكن المنتخب السعودي كان له راي آخر، حيث وضع النجم سعيد العويران بصمة خالدة من خلال هدف أسطوري لم يزل في ذاكرتي بل في ذاكرة كل العرب، وقد وصفه ذات المحللين بكونه أحد أجمل الأهداف في تاريخ المونديال. وفي الذاكرة أيضا هدف النجم فؤاد أنور في مرمى هولندا في منافسات كأس العالم خلال ذات التسعينيات، وكذلك هدفه البديع في المرمى الكوري عام 95، كل ذلك ما كان ليحدث لو لم يكن المنتخب السعودي مرصع بنجوم تستطيع السطوع والابهار منذ عقود، ومن خلفهم ادارة واعية ووزير للشباب والرياضة حصيف، وحكم راشد.
بالأمس استلهم نجوم تزيوا بذات الزي الأخضر الذي تزيا به أولئك الأماجد من نجوم الأخصر، وحملوا على صدورهم ذات الشعار العزيز على قلب كل عربي ومسلم، ونزلوا إلى المستطيل الأخضر لينازلوا الأرجنتين بقيادة ميسي، فوقفت دوحة العرب بدءا من أميرها تميم الخير الذي توشح بالعلم السعودي، ووقف من بين يديه عشرات الالاف من الناس يشق هتافهم عنان السماء بأسماء العقد النضيد من لاعبي الأخضر، وكان الأبطال على قدر المسؤلية، فانبرى صالح الشهري ليسجل هدف التعادل، وجاء من بعده المبدع سالم الدوسري ليستدير استدارة ستظل الفضائيات تتحدث عنها كثيرا ولأعوام ليسجل هدفا تأريخيا، هدف أيقن بأنه سيكون ضمن افضل خمس اهداف في هذا المونديال باعتراف كل من قال بأن الانتصار مفاجأة.
التحية للأخضر الذي نقش سيماء الفرح على امتداد الأرض من الخليج إلى المحيط، واعلموا يا أيها النجوم الزواهر بأن الأكف ستبقى مرفوعة للدعاء لكم بالانتصارات لتصلوا الماضي التليد بالحاضر، لتثبوا ان شاء الله لكل الناس بأن النصر طارف وتليد وليس بمفاجأة، وكذلك سيترى الدعاء لمن معكم من المنتخبات العربية بتوفيق الله.
شدوا الهمة، وابذلوا كل ما في الوسع لتكونوا اعصارا يذهب بكل توصيف لمحلل رياضي يحسب انتصاراتكم مفاجأة، ولتجعلوا كل سعودي، بل كل عربي ومسلم يغني لكم (جاكم الإعصار) و(يا ناس الأخضر لا لعب) و (يا سلامي عليكم يالسعودية) و (جوهر بلادي).
أسعدوا الناس في عالمنا العربي والاسلامي، وهم الذين مافتئوا تتغشاهم مشاعر الفخر بهذا التنظيم البديع بمونديال العرب في دوحة العرب، مونديال أثبت للدنيا بأسرها بأن شمس الحضارة والأديان السماوية تسطع من هذه الأرض حيث العروبة والاسلام، وبالأمس شخصت أعين مئات الملايين من شعوب الدنيا تنظر إلى منصة تنطلق منها آي القرآن الكريم على لسان الشاب القطري الوضيء منصور مفتاح، وبجانبه الممثل الأمريكي الشهير مورقان فريمان يشرحان للناس في كل أرجاء الدنيا قول الله تعالى:
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}.
مبروك للأخضر، ومبروك لتونس كذلك اليوم، وكلنا أمل وثقة بأن العنابي القطري سيعيد تنظيم صفوفه لتعم الافراح كل بيت عربي ومسلم ان شاء الله.
عادل عسوم
صحيفة الانتباهة