بخاري بشير يكتب: الميرغني.. والتحديات الجسام!
في عام 2008م كانت آخر زيارة للسيد محمد عثمان الميرغني، وكان وقتها زعيم الطائفة الختمية ورئيس الحزب الإتحادي الديمقراطي، قد جاء إلى السودان بعد غياب طويل في المنافي والمهاجر (القسرية-والإختيارية).. بعد ذهاب حكمهم في الديمقراطية الثالثة عنما استلمت الجبهة الاسلامية السلطة نتيجة لإنقلاب الإنقاذ في عام 1989م.
وبعد ما يقارب من (14) عاماً يعود الميرغني بالأمس، ليكسب الساحة السياسية بعضاً من ألق (الستينات والثمانينات)، رغم الإنقسامات في صف الحزب التي قادها المثقفين، وكونوا تيارات الإتحادي الديمقراطي المتعددة.. برغم ذاك إلا أن الرجل لم يفقد كثيراً في (مريديه ومحبيه)، الذين إكتظت بهم شوارع الخرطوم بالأمس، فقد أوشك الزحام أن يغلق شارع المطار في ظهر وعصر الأمس – كثير من الأتباع والمريدين تجمعوا من أطراف الخرطوم، وبعض الولايات لمشاهدة (سيدي) الذي ظل يكتسي بتلك (الهالة) من القداسة رغم مرور السنوات الطوال.
محدثي الذي جاء من اتجاه الخرطوم بحري، حيث مقر مسجد ومركز الختمية (مسجد السيد على) قال لي أن الشارع (أغلق) منذ وقت باكر استعداداً للمناسبة، وأشار أن الشارع لم يغلق بفعل سلطات، وإنما كثرة الناس والمريدين والسيارات أغلقت الشارع دونما أي ترتيب من السلطة المحلية.. توافد المحبين من كل بقعة، بل أن بعضهم تكبد مشاق السفر وقدم من الولايات البعيدة كالشمالية وشرق السودان، وبالأخص ولاية كسلا، حيث ضريح السيد الحسن أبو جلابية، وعرف عن أهل الشرق حبهم للبيت الميرغني، وإعتقادهم الجازم فيه.
مجئ السيد محمد عثمان الميرغني بالأمس.. قطع ألسنة المتشككين الذين قالوا أن مولانا الميرغني لن يأتي وسيكون (وعده) بالمجئ كسابقاته، وما أكثر الأوقات التي تحدث فيها الإتحاديون وبالأخص بيت الميرغني عن عودة الزعيم في مرات سابقة،.. ولكن مجيئه ظهر أمس بعد أن حط طائره الميمون بأرض المطار .. تأكد للجميع أن الميرغني هذه المرة لم يكن يطلق مجرد (وعوداً) بالعودة.. وها هو بشحمه ولحمه.. صحيح أن السنين الطويلة وسحابة العمر قد غيرت فيه.. وإكتسى (الجسد المرهق) ببعض الإعياء.. إلا أن (المهابة) هي ذاتها، و(القداسة) في مكانها بحكم تزاحم الميردين الكثر الذين يتسابقون لنيل (نظرة) من مولانا.
لكن هذه المرة جاء الميرغني والبيت الداخلي للإتحادي الديمقراطي، وأعني بيت (المراغنة) أنفسهم يعاني من صراعات مستفحلة.. بعد أن وصل الخلاف بين نجلي السيد (جعفر) و(الحسن) إلى منتهاه.. لم يعد الحزب الكبير الذي يعاني من الخلافات.. فقد إعتاد عليها السيد محمد عثمان الميرغني.. لكن هذه المرة وقع (الخلاف) داخل صحن البيت الميرغني وبين )نجليه(.
معروف أن الميرغني يناصر أحد الطرفين، فهو يقف إلى جانب إبنه )جعفر الصادق( المنضم للكتلة (الوطنية الديمقراطية) التي تضم أحزاب وحركات الكفاح المسلح، بينما وقف (الحسن) قريباً من المجلس المركزي للحرية والتغيير.. بعد أن بصم على (وثيقة المحامين) .. يحتاج الميرغني لجهود جبارة ليستعيد توحيد كيان الإتحاديين.. وترميم ما أفسده الدهر.. ولكن هل يسمح الزمان بذلك؟.. قبل أن يعلن عن إنشقاق صريح وتاريخي للحزب.
حزب بهذه القيادة وهذا التوهج في المحبة.. يعجز عن توحيد (الشقيقين) .. لا أظن أن الميرغني بكل تأريخه (الناصع) وتجربته عاجز عن ذلك.. برغم أن ما شهدته أرض المطار بالأمس لا ينم عن خير.. وهو بروز (الشحناء) بين الشقيقين.. فهل يفعلها الميرغني بحكمته وصبره وحلمه؟.
صحيفة الانتباهة