إبراهيم عثمان يكتب: أنصار السنة ..وفقه الإضعاف !
( الشيء الماشي الآن أصبح واقعاً، والتبي ﷺ كان يتعامل مع أناس كثر، وفي الحديبية وردت عليه حلول كان في ظاهرها إجحاف، لكن نظر إليها نظرة أخرى بعيدة فيها جانب من تحقيق مصالح، ونحن نعمل على تحقيق المصالح ودرء المفاسد بحسب الإمكان، والدين في هذه البلد إن شاء الله لن يهزه شيوعيون ولا علمانيون، ونحن أعلنا لهم بأننا لا نريد مناصب، لكننا من باب درء المفاسد متعاونون في هذا الأمر ، ونحن لم نوقع بعد لكن إن قبلوا بتعديلاتنا سوف نوقع ) – رئيس جماعة أنصار السنة المركز العام ..
▪️مقارنة قول رئيس جماعة أنصار السنة بما ظل القحاتة – وقبلهم كمال عمر – يكررونه، من أن هذه الجماعة كانت طرفاً فاعلاً في صياغة الوثيقة المقترحة، تكشف عن أن أحد الطرفين كاذب، فالرجل يتحدث – مثل المكون العسكري – وكأنهم استلموا وثيقة مكتملة، واقترحوا “تعديلاتهم” عليها، وهم الآن ينتظرون الاستجابة لها ليوقعوا عليها ! وعدم رد أي طرف، بلغة واضحة ومباشرة، على حديث الآخر المناقض لحديثه، يكشف أن الطرفين شريكان في خطة تلاعب ماكرة !
▪️ لا أدري بأي طريقة يفكر الطرفان : المركزي وجماعة أنصار السنة ليتفقا على أن الوثيقة تمثل صلح حديبية جديد ! فما هي البشرى التي يحملها اتفاق كهذا ؟ أهي البشرى بفتح للخرطوم قريب يمزق وثيقة الصلح، أم هي بشرى على “استدامة” “الوفاق” ومخاطبة “التنوع” بشروط سهيل بن عمرو في وقت قلة عدد المسلمين وضعفهم وتنمر المشركين وتعسفهم ؟! وما هي البشرى في أن يصبح الأمة القومي والاتحادي الأصل والشعبي وأنصار السنة، وغيرهم من الأطراف التي قيل إنها صاغت الوثيقة، أقلية مستضعفة في مواجهة الطرف العلماني ممثلاً في المؤتمر السوداني والتجمع الاتحادي ؟
▪️لم ترَ جماعة المركزي في في حديث رئيس أنصار السنة عنها وكأنها تمثل جانب مشركي قريش إهانة واستفزازاً ! وهذا يجعلنا نستنتج، إلى جانب أنها تسلِّم ضمناً بمكانها في صلح الحديبية، بأنها تقبل بأي شيء في سبيل الوصول إلى السلطة، خصوصاً إذا جاء ممن يساعدونها على هذا الهدف !
▪️ استدعاء صلح الحديبية يجعلنا نجزم بأن التعديلات التي تتحدث عنها الجماعة لا تتضمن تغييرات جوهرية على وثيقة منظمة “pilpg”، لا من ناحية علمانيتها، ولا من ناحية المآخذ الأخرى عليها، فلو لم يكن الأمر كذلك لأسهبوا في ذكر تعديلاتهم التي تمثل السقف الأعلى للجماعة، تماماً كما تبنت المنظمة السقف الأعلى لمواقف المركزي، على أن يشترطوا تفاوضاً جدياً من أجل حل وسط، ولو كان هذا هو الحال، لما كانت هناك حاجة لذكر الحديبية !
▪️الحقيقة لم يصبح ( الشيء الماشي الآن ) واقعاً بعد، وإنما يُراد له أن يصبح واقعاً بنجدة خاصة من أنصار السنة، ومن هم مثلهم في القابلية للاستخدام، وهذا ما تقوله أحاديث جماعة المركزي . فالحقيقة أن أنصار السنة مساهمون، مساهمة نوعية، في السعي الجاري لجعله أمراً واقعاً أكثر من إنهم مضطرون للتعامل مع واقع لا خيار أمامهم سوى مسايرته !
▪️ قارن رئيس جماعة أنصار السنة بين بنود صلح الحديبية التي ( كان في ظاهرها إجحاف ) وبين وثيقة pilpg، وكأنه يريد أن يقول إن ما في الأخيرة من إجحاف هو أيضاً إجحاف ظاهري، بينما الحقيقة أنه إجحاف جوهري ويُخطَّط لأن تقوم عليه سلطة دائمة ودولة، فهذا الانتصار لن يقبل القحاتة، ولا داعموهم، بأن يعقبه فتح الخرطوم لا بانتخابات ولا باتفاق بديل !
▪️ حديث أنصار السنة يرسل رسائل الهزيمة الطوعية، وتقديم الخدمة الدينية للقلة العلمانية، أكثر من رسالة التأسي بالرسول ﷺ . فهم يقدمون مساهمتهم في صناعة فقه جديد، بديل لفقه الاستضعاف بشروطه، يمكن تسميته بفقه “الإضعاف” الذي يقوم على حقائق زائفة عن قلة عدد المسلمين وضعفهم، وبالتالي اضطرارهم إلى القبول بشروط “المشركين” !
▪️لهذا لا يحق لهم أن يغضبوا إذا قال قائل إنهم – بموقفهم المنهزم والمثبط لعزائم الرافضين للعلمانية، يمثلون إحدى القبائل التي أرادت أن “تدخل في عهد قريش”، وأن المسلمين سيصبحون فعلاً قلة إذا اقتدوا بموقف من يعتبرون أنفسهم صفوتهم الأكثر تمسكاً بنهج السلف الصالح !
▪️ أما حديثهم عن أن : ( الدين في هذا البلد لن يهزه شيوعيون ولا علمانيون ولا غيرهم )، فهو قول يتضمن إقراراً بأن الوثيقة تتضمن مساساً بالدين، وأن العلمانيين سيسعون، عندما يحكمون، إلى المساس بالدين، لكن علينا، رغم ذلك، تأييدهم ثقةً بأن الشريعة ستعاند – بوسائل غير بشرية – خططهم وستبقى برغمها. وهذه من أضعف المقولات التي يبرر بها المسلم تأييده لحكومة علمانية وتخالف الآية الكريمة { وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ } لأن دفع أنصار السنة الذي يستدعي الحديبية في غير زمانها، ويصطنع ظروفها اصطناعاً، هو بمثابة استقالة من المدافغة وانهزام متعمد لا يقصِّر علمانيو المركزي في إظهار سعادتهم به !
إبراهيم عثمان