لهذا السبب تستعصى الحلول
(1)
في الوقت الذي كان مطلوب فيه الجلوس بين فرقاء السياسة في السودان والحوار بعقلانية وسعة افق تستوعب المخاطر المحدقة بالبلاد ، وتكثيف اللقاءات بين الغرماء لإنهاء القطيعة وتسوية الخلافات، للأسف أصبح اللقاء نفسه (جريمة) يتبرأ منها طرف ، بينما يحاول طرف آخر اإلصاقها بغريمه السياسي، وتلك هي المعضلة والمأساة ، والمفارقات التي تجعل الأزمة السياسية في السودان شاذة وعصية على الحل..
(2)
يحدث ذلك كأنما اللقاء في حد ذاته (عيب) أو جريمة يجب التبرؤ منها ، في حين أن الوضع الطبيعي هو تكثيف اللقاءات والجلوس بين الأطراف المتصارعة في إطار الحوار الذي لاسبيل لحل إلا به…
يحدث ذلك لأن النية غير صادقة، والعمل غير مخلص..فبعض الذين يريدون الحوار ويطلبونه ليسوا جادين ولامؤمنين به إنما طلبوه في اطار المراوغة، أو لأجل المزيد من شق الصفوف وإضعاف وحدة العمل السياسي الوطني المشترك المفضي إلى حل المشكلات وتثبيت دائم الحكم الرشيد…فالحوار احيان يستخدمه الشموليون لتشظية القوى السياسية وتفريقها بالحوارات السرية واللقاءات الثنائية التي تستهدف الاتفاقيات الثنائية التي تغذي الوضع الشمولي وتزرع الفتن وتوسع هوة الخلاف وانعدام الثقة.
(3)
وتأسيسا على ما تقدم ونتيجه له فقد الجميع البوصلة وبات يتخبط ويتنكب الطريق ، بينما الحل بسيط وسهل ، فإذا اجتمعوا جميع دون استثناء وجدوا الطريق ، ولكنهم لايجتمعون يمنعهم التنافر والتخوين والتجريم الذي بات السمة المميزة لدى كل القوى السياسية المصطرعة على العرش المتهالك الذي أشرف على السقوط…
(2)
منهج تفكير بائس والذي يكشف هذا البؤس ويفضحه هو أن المتصارعين داخل الحلبة يغرقون في بحر من المغالطات حول لقاءات تمت بينهم ، يجتهد طرف في إثبات أن الطرف الآخر التقى معه ، بينما يكرس الطرف الآخر جهوده في إنكار هذه اللقاءات موضع الجدل والمغالطات ويتبرأ منها بدلا من أن يطلبها لإنهاء الأزمة…اللهم هذا قسمي فيما املك.. نبضة أخيرة : ضع نفسك دائما في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله وثق أنه يراك في كل حين.
يوسف التاي
صحيفة الانتباهة