مقالات متنوعة

بخاري بشير يكتب: الوزير يخرق القانون!


دار جدل قانوني كثيف حول قرار السيد وزير العدل محمد سعيد الحلو والخاص بإيقاف قرار مسجل عام تنظيمات العمل المتعلق بتسليم إتحاد الغرف التجارية انفاذا لقرار المحكمة العليا، والجدل الذي كان مسرحه و(سائل التواصل الإجتماعي) بمختلف ضروبها، وكان أبطاله أو -غالبهم- من أهل القانون، الذين فندوا قرار السيد الوزير ووصفوه بالمعيب قانوناً.. مثلاً الأستاذ القانوني المعروف عبد الله درف قال أن القرار (مخالف) للقانون لأن المسجل قام بتنفيذ قرار (المحكمة العليا) التي طلبت من الجهات المختصة الإسراع بتنفيذ قرارها – حول تسليم الإتحادات- و معلوم ان مسجل عام تنظيمات العمل هو الجهة المختصة.
وفي ذات الوسائط حقق قرار وزير العدل بوقف قرارات المسجل –حقق تداولاً كبيراً يرقى ليكون (ترند سوداني) بسب ما أثاره من ردود أفعال، لم تنحصر فقط في تعليقات أهل القانون؛ ولكن أيضا وسط رجال الأعمال والمهتمين من داخل الغرفة التجارية، علقوا على القرار، وقالوا إن السيد الوزير جافى (صحيح القانون).. ووصفوه بأنه ( تدخل سياسي) فى شأن قضائي.
موضوع الإتحادات المهنية كان مثار حديث كثير (وأخذ ورد) بين المجموعات السياسية المصطرعة في الشأن السوداني، وليس ذلك حكراً فقط على (إتحاد الغرف التجارية).. فهناك نقابة المحامين التسييرية التي تم حلها بقرار المحكمة، وإتحاد الصحافيين السودانيين، والذي عاد لممارسة نشاطه بذات قوة قرار المحكمة، وحكمها القضائي، الذي ألغى قرار لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يوليو، والتي كانت قد أوقفت –أوحلت- عدد من الإتحادات المهنية معتمدة في ذلك الحين على (يد الثورة).. ودون الاستناد إلى أية مسوغات قانونية.
وبعد قرارات البرهان في عام 2021م تقدمت (الأطراف المتضررة) في هذه الإتحادات بطعونها للمحكمة العليا، والتي أصدرت قرارها ببطلان قرارات لجنة التمكين، ولم تكتف بذلك بل طالبت من الجهات المختصة الإسراع في تسليم هذه الإتحادات، للطرف المتضرر الأول، ما يعني عودتها إلى سابق عهدها.. وهنا – طبعاً- ثارت ثائرة مجموعات قوى الحرية والتغيير، وسارعت بوصف العائدين بالتهم (المعروفة)، وهي أن المحكمة فتحت الباب لعودة (الفلول – والكيزان) عبر بوابة الإتحادات.. وهو الإتهام الذي لا يقف على ساقين، خاصة في إتحاد الغرف التجارية.
هذا الإتحاد الذي يقف عليه عدد من رجال المال والأعمال المعروفين، والذين لهم كسبهم في العمل الإقتصادي وأصحاب تجارب وخبرات راكزة، لا يمكن إختزالها في تهم (الفلول).. ويعلم القاصي والداني أن نظام الإنقاذ أمضى من السنين (ثلاثين عاماً)، ولا يكاد أحد في الساحة السياسية اليوم أو غيرها لم يشارك نظام حكم البشير، واذا كانت هذه (تهمة- أو سبة) تقلل من قيمة الشخص، فالجميع شركاء في هذه التهم ولا أحد براء منها.
لا يمكن لوزير العدل وهو يجلس على هرم الجهاز العدلي والقانوني، أن يتجاوز القانون وروح العدل في أبسط القرارات.. بهذا لإنحيازه الواضح، وإخراج القرار من جهة غير مختصة.. وكان يجب أن يساند (إنفاذ القرار) الذي صدر من المحكمة العليا، ويترك أي أقتراح بالطعن أو المراجعة للجهة المختصة، حتى لا يصير (أضحوكة) وسط القانونيين.

بخاري بشير
صحيفة الانتباهة