عبد الله مسار يكتب: الاتفاق الإطاري (٢)
عبد الله مسار يكتب: الاتفاق الإطاري (٢)
قلنا في مقالنا الاتفاق الإطاري (1)، إنّ مسودة وثيقة لجنة تسيير المُحامين والتي قيل إنّها صناعة خارجية اعتبرتها الآلية الثلاثية المرجعية الأساسية لدستور الفترة الانتقالية، على أن تُضاف إليها مجموعة التعديلات، أهمها تعديلات المكون العسكري والذي اهتم بأمر قوّاته دُون الاهتمام بقضايا السودان الأخرى ولا تخوُّفات القوى السياسية والمجتمعية التي خارج الحرية والتغيير المركزي ومن معها، خَاصّةً وأنّ الحرية والتغيير أبعدت الكافة بما في ذلك بعض من عضويتهم حتى وقت قريب، بل أبعدت قوى ثورية أصيلة كلجان المقاومة، وقلنا إنّ ما تبقى من الحرية والتغيير المركزي انفردوا بالملعب دون النظر لعواقب ذلك، ثم صار المكون العسكري المفاوض لهم بضغط الثلاثية والرباعية وهو ضغط كل أو بعض الرباعية، وقلنا إنّ العساكر يتحدّثون عن تسوية شاملة ولكن يلاحظ الفرد تعثُّر ذلك، مع ملاحظة اهتمام العساكر بقضايا قواتهم، وقلنا إنّ قحت قسّمت القوى السياسية التي معها الى أول وثاني وثالث رغم كلام البرهان ألا تسوية ثنائية، وقلنا إنّ موقف قحت الشعبي صار ضعيفاً، وإنّ تجمُّع القِوى السِّياسيَّة الآخر صَارَ كَبيراً، وإنّ تجربة حكم قحت ثلاث سنوات جعلها غير مُغرية، وليس في جرابها السِّياسي قمحٌ ولا بلحٌ ولا دقيقٌ، وقُلنا في ظل كل الظروف ما زال مشروع قحت يتّقد رغم ضعف طاقته.
الآن يدور حديثٌ في الكواليس أنّ هنالك مشروع اتفاق إطاري قد يُوقّع مع المكون العسكري يحتوي على أهم مضامين الاتفاق النهائي، ورغم أن ملامحه لم تظهر بعد، ورغم ما يُكرِّره الفريق أول البرهان عن عدم وجود اتفاق ثنائي، ولكن الإرهاصات تُشير الى أنّ مشروع الاتفاق الإطاري يسير، وإن التسوية واردةٌ بغض النظر عن كبر حجم مُعارضتها.
ولكن يلاحظ أنّ المد المعاكس لأي اتفاق تسوية يتسع ويكبر، وإنّ مواقف القِوى السياسية مُتباينة والفجوة كبيرة حتى بين قحت المركزي وقحت التوافقية، وإنّ موضوع اتفاق سلام جوبا بين شد وجذب وصار جُزءاً من المشاريع المُختلف عليها وتمسه أيادي الرقيب، وعليه كتّاحة كبيرة، بل برق ورعد وأعاصير كبيرة، وأيضاً الأجندات الخارجية صارت كبيرة، والصراع الإقليمي والدولي على السودان صار واضحاً، وصارت الأقطاب في منتصفه وليست تحوم حول الحمى.
إذن، مشروع الاتفاق الإطاري أمرٌ يحتاج إلى تمهل وتؤدة، وأن يصبر عليه حتى يتم الاتفاق والشمول، وأن يراعى في ذلك داخل وخارج السُّودان، لأنّ أيِّ اتّفاق لا ينظر في الأمور الداخليّة والخارجيّة يُعرِّض السودان إلى هزّةٍ عنيفةٍ قد لا تظهر نتائجه الآن، ولكن قطعاً ستظهر بعد حينٍ، وإن السودان دولة هشّة صعب لو انكسر فيها شيءٌ يتجبّر، خَاصّةً وأنّ السودان كثر فيه التّعصُّب، وانتشر فيه خطاب الكراهية والدعوات المُدمِّرة من هنا وهناك، ناهيك عن صراع الأقطاب، ولذلك أعتقد من المهم العمل على التوافق الوطني قبل توقيع أي اتفاقيات مع بعض دون الكل حتى ولو كان وراءها دولٌ كبرى، لأنّ الذي يسود هو المشروع الوطني، وهو ثابتٌ غير مُتغيِّر كل ما غيّره سراب يحسنه الظمآن ماء.
وقديماً قيل (حبل المَهَلَة يربط ويفضل).
صحيفة الصيحة