محمد عبد الماجد يكتب.. التسوية.. الرجوع إلى (الفار)
(1)
في دوريات مباريات كرة القدم العالمية وفي بطولة كأس العالم تحديداً المقامة في دولة قطر عندما يسجل احد الفرق (هدفاً)، لا تفرح ولا تستعجل بردة فعلك حزناً او فرحاً، اضبط حواسك وسيطر على مشاعرك – انتظر لبعض الوقت حتى تتم مراجعة (الهدف) والتأكد من صحته عن طريقة حكام تقنية الفيديو (الفار) لنفي (الهدف) او اثبات (شرعيته).
شاهدت (معلقاً) يتحدث عن روعة (الهدف) وعن الابداع في تسجيله وهو ينداح شعراً في اللاعب الذي سجل الهدف .. ثم يفاجأ بعد (4) دقائق بعدم صحة الهدف لأن اللاعب كان في موقف (التسلل) ليضيع تعليقه سدى.
وشاهدت (مهاجماً) يسجل ويحتفل بعد التسجيل بصورة هستيرية ثم يحبط بعد تلك الفرحة الكبيرة بعدم احتساب الهدف.
(2)
على المستوى الشخصي لا انكر ان (التسوية) التى تم التوقيع عليها بين المكون العسكري والمكون المدني فيما يسمى (الاعلان الاطاري) افرحتنا وأسعدتنا وهي تولد وتخرج في هذه الظروف وتأتي من رحم المعاناة – لكن ما زلت انتظر لاعتماد (التسوية) وأترقب ظهور نتائجها الايجابية واحترام بنودها لتكتمل فرحتنا بها، ونحن الآن في مرحلة (فحص) و (استكشاف) لصحة (التسوية) بل في مرحلة اختبار قدرتها على الصمود والبقاء مع كل الكيد الذي تتعرض له لمعرفة مدى تحملها وتغلبها وإمكانياتها على المقاومة والانتصار عن طريق اثبات جدواها ومنافعها لينعكس اثرها على الشارع السوداني وقبل ذلك على السلطة نفسها.
التسوية الآن في مرحلة المراجعة والعودة الى حكام تقنية الفيديو (الفار) وهو امر ترجع فيه (التسوية) للشعب السوداني الذي يمكن ان يحدد موقفه من (التسوية) وسوف يكون علينا من بعد احترام اختيار الشعب السوداني وقراره النهائي.
(3)
اولى عقبات (التسوية) او اول الاختبارات التى تتعرض لها تتمثل عندي في الصمود والبقاء والقدرة على اقناع الشعب السوداني– او الشارع السوداني– لا تعنينا المكونات السياسية كثيراً في هذا الامر لأن مواقفها من (التسوية) عرضة للبيع والشراء وهي مواقف عادة تشكل وتكون حسب المصلحة (الحزبية) او (السياسية) او (العسكرية) ايضاً.
سوف نضع (التسوية) امام اختبار (القبول) – ان كانت فيها منفعة وخير سوف تنتصر وتتغلب على كل العقبات وننتظر، وان لم تجد قبول الشعب السوداني ودعمه ستنتهي وتقضي نحبها.
لكن مع ذلك مهم ان نطرح وجهة النظر الايجابية في التسوية حتى لا يجهضها خصومها غلابة بما يطرحونها عنها.
كثيرون يصمتون، رغم ارائهم الايجابية عن (التسوية) الآن خوفاً من الشارع ومن تقلباته المستقبلية والتخوين المشاع لهذا يلوذون بالصمت المريب.
(4)
اذا اردت ان تعرف صلاح هذه (التسوية) انظر الى خصومها في الحقل السياسي.. كل الذين يقفون ضد هذه (التسوية) تجاربهم السياسية عليها الكثير من التحفظات بما في ذلك الحزب الشيوعي الذي جمعته (اجندة) السياسة في موقف واحد مع النظام البائد والمؤتمر الوطني المحلول.
جدوى هذه التسوية تظهر من اضدادها – الذين يقفون ضد هذه التسوية هم اوضح دليل على سلامتها.
انظر الى تكتلات الشرق وجيوب وخلايا النظام البائد وهي تظهر من جديد بنفس اللغة والطريقة التى كانوا يحاربون بها حمدوك وحكومته من اغلاق وبيانات وتهديدات بالانفصال والخروج على المركز.
انظر الى جبريل ومناوي واردول سوف تزيد ثقتك بالاتفاق الذي تم التوقيع عليه بين المكون العسكري والمكون المدني.
هنالك اجسام (سياسية) في ثورة ديسمبر المجيدة تعمل بقصد او من غير قصد في خدمة النظام البائد.
(5)
الحزب الشيوعي السوداني وقياداته وأحزاب البعث المتفرقة كانت (الخيانة) تعرف وتقاس درجاتها عندهم من خلال تشابه او تقارب موقفك مع (الكيزان) – ترى كيف يكون الحال الآن بعد ان تطابقت مواقفهم مع المؤتمر الوطني المحلول وممثليه في السلطة الحاكمة جبريل ومناوي واردول؟
كانوا يخونون كل من توافقت مواقفه مع النظام البائد او حتى تشابهت.
هل يمكن ان يكون هنالك ائتلاف بين الرافضين للتسوية وبرنامج موحد منهم لإسقاطها ؟ فقد توحدت مواكبهم وخطابهم الاعلامي وأهدافهم.
يمكن ان نرى (تسوية) مضادة للتسوية التى تمت من اجل الانتقال الى السلطة المدنية.
ما يتم الآن من مكايدات وتحركات لإجهاض هذه التسوية هو في حقيقة الامر لا يخدم (الكيزان) وحدهم وإنما يخدم (العسكر) ايضاً وهم اسعد الجهات بتلك الصراعات والخلافات التى تحدث بين الاحزاب السياسية والمكونات المدنية لتخلص لهم السلطة كاملة.
ربما قصدوا بهذه (التسوية) الفتنة بين الاحزاب السياسية فانتبهوا لذلك ومارسوا السياسة كما يجب ان تكون. هم نجحوا من خلال هذه (التسوية) في ان يفرقوا بين الاب وابنه وإخوته (سياسياً) و(اجتماعياً) في الحزب الاتحادي الاصل… كما سبق لهم ان فرقوا بين الامام الصادق المهدي وابنه عبدالرحمن وإخوته.
(6)
بغم
مبارك الفاضل ترك (التسوية) وعارضها وتغزل في خطاب حميدتي الذي قدمه بعد التوقيع عليها !!
الفاضل لا ينظر إلّا لمصلحته ولا يعزف إلّا على الوتر الذي سوف يستفيد منه.
وكل الطرق تؤدي الى (المدنية).
صحيفة الانتباهة