مقالات متنوعة

لماذا يعول العسكر على المدنيين في هذا الوقت بالذات؟

إن أريد الا الاصلاح
محجوب مدني محجوب

لا ينبغي لأي حزب أو كيان سياسي أن ينزعج بأي شكل تدار المرحلة الانتقالية، فماذا ستساوي سنتان من عمر الأجيال؟
فسباق الأحداث لا يفيد كما أن سياسة الفرض بالقوة أثبتت عدم فعاليتها.
لا ينبغي أن ينشغل الحراك السياسي الآن بأسئلة من مثل:
من يتبنى المرحلة الانتقالية؟
فليكن أصحاب التسوية هم من يتولون المرحلة الانتقالية، وليأتوا بأي وزير يريدون.
فليأتوا بأي شكل من أشكال المدنية ليس هذا المهم.
المهم شيء واحد فقط لا يوجد غيره.
المهم والمربك حقا هو كون كل هذا الحراك في يد العسكر.
المهم معرفة كون هذا الحراك تمثيلية من العسكر يريد أن يفرض به نفسه ليثبت في الحكم، وما إجراءات التسوية وتنفيذها إلا عمليات تمويه.
فهنا الإشكال وهنا الأزمة.
الأزمة في اتجاهين:
اتجاه عدم إدراك هذه التمثيلية أو إدراكها دون عمل أي شيء لإيقافها أو محاربتها واتجاه تمادي العسكر في المضي فيها؛
لأننا بعد سنتين سوف لن نجد حكومة كانت تسير المرحلة الانتقالية وتهيء للانتخابات، وإنما سنجد حكومة عسكرية مئة بالمئة تكشف عن نفسها بوضوح، وحينئذ سنجد ثورة ديسمبر لم يعد لها وجود، وسوف نجد أنفسنا أمام حكومة عسكرية كاملة الملامح، وبالتالي يبدأ التفكير في مقاومتها من الصفر.
ما الذي يدفع العسكر على أن يعولوا على المدنيين في هذا الوقت بالذات؟
هنالك عدة أسباب منها:
* لا يمكن للعسكر أن يرفضوا أو يواجهوا الثورة وتداعياتها وجها لوجه، فمهما يبرر العسكر بضرورة توليهم للحكم، فلن يستمع إليهم أحد لسببين رئيسيين:
الأول: عودة العسكر للحكم يعني فشل الثورة إذ لا يمكن للعسكر إقناع الثوار بأنهم هم ثمرة الثورة.
نهاية ما يقنع به العسكر الثوار هو أنهم حراس الثورة وحراس المدنية، فإن كانت لا توجد ثورة ولا توجد مدنية، فماذا سيحرس العسكر؟
الثاني: كيف يتم القبول بالعسكر ومن حكم منهم قابعون في السجن؟
* المجتمع الدولي لا يريد أن يجلس مع العسكر نهائيا رابطا كل تعاون وكل مساعدة للحكومة السودانية بمثول الفرقاء للحكم المدني وللديمقراطية.
حاول العسكر بشتى الطرق وبكافة الوسائل و طيلة هذا العام إرضاء هذا المجتمع الدولي إلا أن كل المحاولات باءت بالفشل.
ماذا سيفعل العسكر بعد ذلك؟
هل يذعن للمدنية؟
مستحيل.
لا يمكن للعسكر أن يقتل نفسه بنفسه.
ماذا يفعل؟
لا حل إلا في (الاتفاق الإطاري).
لجأ العسكر نحو هذا (الاتفاق الإطاري) لسببين:
الأول: ضعف المشهد السياسي وعدم وجود أرضية يقف عليها حفزهم وشجعهم أن يكونوا هم المشهد السياسي، وهم الأرضية التي يقف عليها.
الثاني: عدم قدرتهم على إقناع المجتمع الدولي بأي وجود عسكري في المشهد السياسي رغم كل الإغراءات.
فجاء (الاتفاق الإطاري) كنتيجة طبيعية لفشل دام أكثر من العام.
وسيظل العسكر يراوغون المدنيين مستغلين ضعف الحراك السياسي السوداني زائدا رغبة المجتمع الدولي في الحكم المدني.
ولذلك بكل سهولة ستجدون الفريق البرهان يردد: (العسكر للثكنات والأحزاب للانتخابات).
بالضبط مثل أب يلاعب طفله ويقول له وهو رافع بيده هيا هيا هيا نطير ها ها طرنا طرنا عاليا وهو يحلق بيديه لطفله.
صحيح قد لا يكون لحراك العسكر هذا مستقبل.
صحيح أنه لن نصل به لأي نتيجة.
لكن يا ترى كم من الوقت سيهدره؟
لكن يا ترى كم من موارد البلد سيهدرها؟
يا ترى كم سنتأخر أكثر مما تأخرنا؟
بل الأبشع من ذلك كم يا ترى سيزهق من الأراوح؟
للأسف ليس أمامنا سوى الانتظار، فلا العسكر سيتخلى عن السلطة بمحض إرادته، ولا يلوح في الأفق أي نضج سياسي يحسم حالة اللاشيء التي تسود البلد.

صحيفة الانتباهة