بخاري بشير يكتب: أكاذيب المجتمع الدولي حول الاتفاق الإطاري!
ما زال المجتمع الدولي ينظر للاتفاق الاطاري باعتباره (الحل الأمثل) الذي توافق عليه أهل السودان، وما زال المجتمع الدولي يغض النظر عن الطرف الآخر من الساحة السياسية السودانية، التي ترفض (جملة) هذا الاتفاق.. وبهذا أكد المجتمع الدولي أنه ينظر إلى السودانيين فقط بزاوية (الحرية والتغيير / المجلس المركزي)، وهي عين (الرضا)، ولا يهمه بقية المجتمع، اين يقف؟ وما هي مطالبه.
وتأكيداً لهذه النظرة رحب مجلس الأمن الدولي في بيانه
وأكد المجلس في بيانه أن هذه الخطوة تعد (خطوة أساسية) نحو تشكيل حكومة بقيادة مدنية وتحديد الترتيبات الدستورية لقيادة السودان خلال فترة انتقالية تتوج بانتخابات.. لاحظ أن البيان قال (خطوة تأسيسية)، واعترف بأن الموقعين هم من يشكلون الحكومة المدينة، دون اعتراف بالآخرين.
وقال البيان: (رحب أعضاء مجلس الأمن بالجهود التي يبذلها الموقعون على اتفاقية الإطار السياسي هذه لحشد الدعم من مجموعة واسعة من الجهات السودانية الفاعلة).. ترى ماذا يعني بمجموعة واسعة من الجهات السودانية الفاعلة؟ .. لان المجلس يعلم أن الاتفاق (محدود)، والموقعين عليه (أقلية) بين القوى السياسية الأخرى.. ولكنه تأييد (عين الرضا) كما ذكرنا.. مجلس الأمن راض عن مجموعة التغيير المجلس المركزي، وكيف لا يرضى عنها وهم الذين فتحوا البلاد للتدخل الدولي في (ابشع) صوره، وصارت البلاد تحت وصاية البعثة الدائمة لدعم الانتقال، منذ خطاب حمدوك (سيئ الذكر)، وغالبية القوى السياسية التي سادت في السودان بعد الثورة هم من (مزدوجي الجنسية) وحملة الجوازات الغربية، وهم ابعد ما يكونوا عن (المزاج) السوداني، و(الآمال) السودانية، و(الطموح) السوداني.. رضي عنهم مجلس الأمن الدولي، ورضيت عنهم العواصم الغربية، ووعدتهم بالدعم والسند، بهذه البيانات، أو التصريحات.. وقد قال الله تعالى: (لن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم).. وهم احرار في اتباع ملة (اوليائهم)، ولكنهم ليسوا احراراً في فرضها علي السودانيين.
الغريب أن مجلس الأمن شدد على أهمية تهيئة بيئة مواتية لحل القضايا العالقة من خلال حوار سلمي وشامل… لاحظ كلمة (شامل) .. وشدد كذلك على الحاجة إلى استمرار تدابير بناء الثقة.. وشجع مجلس الأمن في بيانه بقوة (القوى السياسية الرئيسية) التي لم توقع بعد على اتفاق الإطار السياسي للانضمام إلى العملية السياسية.
وهذا يعني أنهم يعلمون أن (الاتفاق الاطاري) لم يحظ بقبول (قوى سياسية رئيسية) هي ما زالت في عداد الرافضين له.. ورغم ذلك يريدون له الاستمرار وإجبار أهل السودان على القبول ببنوده، التي أعدوها سلفاً.
الأغرب من ذلك أن قوى الحرية والتغيير/ المجلس المركزي ما زالت تتعامل مع بقية القوى السياسية بتعال، وتوزع عليهم صكوك الرضا، وتصنف بعضهم بقوى الانتقال (المردوفة)، التي لا يحق لها إبداء الرأي والمشاركة الفاعلة في تشكيل ملامح الفترة الانتقالية.
بعض قوى/ المجلس المركزي قالت إن الاتفاق الاطاري (مغلق)، وغير قابل للإغراق.. بمعنى هو اتفاق غير مفتوح على اطلاقه، إنما هم من يحددون، من ينضم اليه؟ ومن يرفض طلبه.. وبذلك يثبتون أنهم ما زالوا يتعاملون بذات الطريقة الاستبدادية السابقة، التي خلقت الاختلال في الساحة السياسية ما قبل ٢٥ اكتوبر.. والاعجب من كل ذلك أن بعض هؤلاء منح نفسه الحق في قبول أو رفض طلبات الانضمام، كالبرير الذي ينظر في طلب مبارك الفاضل، وله مطلق الحق في قبوله أو رفضه.. وقد علق بعض الكتاب في ذلك (أن جدادة الخلا طردت جدادة البيت)، في إشارة إلى أن مبارك من العائلة المهدية بالاصالة، بينما البرير يرتبط برابطة النسب مع ذات العائلة.
مجلس الأمن شجع الموقعين على الاتفاق لبدء العمل بنحو عاجل في المرحلة الثانية من العملية، بما في ذلك معالجة القضايا الحاسمة التي توخاها الموقعون على الاتفاق السياسى الاطارى لتعزيز السلام والأمن في السودان.. هكذا قال مجلس الامن، وهو بذلك يمنح أقلية الحق في تحديد شكل الحكم في السودان والسيطرة عليه، بينما الأغلبية لا يتطرق لها إلا بمقولة، فتح باب المشاركة لقوى سياسية فاعلة.. ما يعني أن تأتي (تابعة) ومنقادة بقرارات الأقلية.. ويا لها من مفارقات وتناقضات ظل السودان لها من الشاهدين.
اضحكني جداً، قول مجلس الأمن إنه يشجع استئناف المساعدات للسودان بعد الاتفاق الاطاري، وكأني به في السابق قد وفى بهذه الوعود.. ما زال المجتمع الدولي ومجلس الأمن يكذب ويتحرى الكذب، بالذات في موضوع المساعدات والدعم للسودان.. ومن عجبي أن قوى اعلان الحرية والتغيير المجلس المركزي، ما زالت تصدق مثل هذه الترهات، والاحاديث، وكأن فترة (حمدوك) لم تكن ماثلة ومشاهدة تكذب افك ما يصنعون.
ضحكت ملء شدقي، عندما (أكد أعضاء مجلس الأمن التزامهم القوي بوحدة وسيادة واستقلال وسلامة أراضي جمهورية السودان)… ما بين المعقوفتين حديث البيان نصاً.. مع العلم أن أي سوداني (أصيل) يعلم أن خطط الغربيين تنبني على تقسيم السودان وتشظيه.. أما كل سوداني (عميل) يصدق هذه الفرية.. عفا الله عنهم.
صحيفة الانتباهة