مقالات متنوعة

بخاري بشير يكتب: ما بين البرهان وعرمان!!

عندما ذكر الفريق البرهان ما ذكره الأربعاء الماضي بقاعدة المعاقيل، اجتاحت الساحة السياسية موجة من ردود الافعال، وانقسمت بين (مع ــ وضد).. حيث ازداد صراخ مؤيدي قحت/ المركزي التي نالت (حظوة) الاطاري وتحكمت فيه، بينما (الضد) أعجبهم حديث البرهان الذي نعتبره أوبة للحق، والأوبة للحق فضيلة.
وكانت اعظم ردود الأفعال هذه ما بدر عن ياسر عرمان رئيس الحركة الشعبية التيار الثوري الديمقراطي الذي يعتبره كثيرون أحد مهندسي الاتفاق الاطاري ومن كبار داعميه، باعتبار أنه الاتفاق الذي سيعيد مجموعة الثلاثة الى واجهة السلطة من جديد.. قال عرمان مساء ذات اليوم الذي صدح فيه البرهان بتصريحاته تلك، كرد فعل.. قال: (أعتبر حديث رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان عن الاتفاق الإطاري في خطابه للجيش بالمعاقيل تراجعاً عن الاتفاق الإطاري ومحتوى العملية السياسية).
وقال عرمان في سلسلة تغريدات على حسابه الرسمى على تويتر: (إن البرهان في خطابه أمس عاد إلى ما قبل الاتفاق الإطاري). وعلق عرمان بالقول: (قضية الأطراف في العملية السياسية هي كعب أخيل وحصان طروادة، وإن لم يتم التمسك بالاتفاق الاطاري فإن ذلك يعني ببساطة عودة الفلول). واضاف عرمان قائلاً: (توقيع الاتفاق الاطاري لم يغير طبيعة الانقلاب، وإلى حين تكوين حكومية مدنية بعد الاتفاق الكامل فإن الانقلابيين هم المسؤولون عن ادارة شؤون البلاد، ولا دخل للحرية والتغيير في ما يجري الآن).
عرمان بكل بساطة يصف حديث البرهان بأنه (تراجع) وعودة الى (ما قبل الاطاري).. ويقولها بشكل صريح إن توقيع يوم الخامس من ديسمبر لم يغير (طبيعة الانقلاب).. يعني أن البرهان بعد حديث المعاقيل هو (انقلابي).. وقبلها عندما كان يخطب في محفل ومراسم التوقيع علي الاطاري هو (مكون عسكري) اقتضت الظروف السياسية أن يتم التحاور معه وتوقيع اتفاق سياسي.
وهاجت وماجت قوى الحرية والتغيير/ المجلس المركزي لمجرد تصريحات أطلقها البرهان وجاءت ضد أحلامهم وطموحاتهم في الحكم، وما هي هذه التصريحات؟ البرهان أكد أنهم لن يمنحوا (الفرصة) من جديد لأي تنظيم أو حزب لاختطاف السلطة.. هذا هو حديث البرهان فأين (التراجع) هنا الذي يعنيه عرمان؟.. نعم (لا لاختطاف السلطة من جديد، كما حدث في السابق)، وهذا حديث ممتاز يحفظ الحق لكل القوى السياسية التي ينبغي ألا تكون بينها (فروقات) في التمثيل في أية حكومة من حيث المشاركة.. لكن هذا لا يعجب عرمان الذي هندس الاتفاق وخاطه على أن يكون على مقاس الأحزاب الثلاثة، وهو معهم باعتبارهم قوى ثورة وما سواهم لا وزن لهم.
لم يزد البرهان على هذا القول، غير أن القوات المسلحة لن تقبل باي مساس بثوابت الوطن والوطنية، وايضاً هذا حديث أشاع البهجة والسرور بين السودانيين الشرفاء، لكنه ايضاً أثار مكامن الغضب بين العملاء، وزوار السفارات.. ولم يسلم حديث البرهان حتى من تعليق فولكر بيرتس الذي يتوجب عليه بحكم تصنيفه بالأجنبي ألا يتدخل في تصريحات الآخرين، أو يمنح نفسه الحق في أن يحدد لهم أو يملي عليهم ما يقولون.
البعض قال إن كل ذلك الذي جرى قبل يومين بما فيه (حديث البرهان وردود الأفعال حوله) هو مجرد (مسرحية).. لترضية بعض الجهات، أو تهدئتها بعد أن زادت وتيرة غضبها من (الاتفاق الاطاري) لحين كسب بعض الوقت.. وما قيل من جانب البرهان وياسر عرمان ما هو إلا تبادل ادوار، وان الطبخة اكتملت وهي جاهزة ليتناولها السودانيون .. ولهؤلاء نقول نعم لكم الحق في التفسير مثلما للآخرين الحق في التصديق والقبول.. ولكن العبرة بالخواتيم.

صحيفة الانتباهة