شاكر رابح يكتب : رجل المهام الصعبة
تعيش البلاد تحت وطأة فترة انتقالية، يحفها التعقيدات والأزمات السياسية والأمنية والاقتصادية والدستورية.
وفي ظل هذه الظروف الدقيقة والمفصلية، يحتاج الوضع الى تعامل خاص وحكمة وتروٍّ.
وفي خضم هذه الأزمات، كثر الحديث من قبل أطراف سياسية عدة على ضرورة الإسراع لتنفيذ اتفاق جوبا لسلام السودان خاصةً بند الترتيبات الأمنية، باعتبار أن بند قسمة السلطة قطع شوطاً طويلاً، وبند الترتيبات الأمنية يعني الدمج والتسريح، وصولاً لجيش قومي موحد بعقيدة عسكرية وقتالية، في الوقت نفسه تنشط قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي، في محاولة منها لتعقيد المشد أكثر فأكثر، بدعواها القاضية مراجعة وتعديل الاتفاقية، فيما ترى حركات الكفاح المسلح الموقعة عليه أن الحديث عن المراجعة هو جزء من حملة شرسة يتعرض لها الاتفاق وتهدف إلى شيطنته، مما يعني دخول البلاد في نفق مظلم جديد.
تأتي زيارة القائد الفريق أول محمد حمدان دقلو نائب رئيس مجلس السيادة لدولة جنوب سودان الشقيقة ولقائه بالرئيس سلفا كير بصفته راعي الاتفاق، كمحاولة منه لإذابة جبل الجليد وتحريك ساكن اتفاق السلام، وهي عملية شجاعة وذكية من القائد لاختراق هذا الملف العصي، تكمن أهمية هذه الزيارة المهمة في استصحاب القائد لمديري جهاز الأمن وقائد المخابرات العسكرية وقائد استخبارات الدعم السريع، في إشارة إلى أن الزيارة مهمة أمنية بحتة، والوفد يحمل في طياته معلومات يريد الطرف الحكومي تمليكها للوسيط الجنوب سوداني، لا شك أن هذا الاتفاق تاريخي بمعنى الكلمة لمخاطبته جذور أسباب الصراع، كيف لا وقد وضع حدا لأوزار الحرب بين الحكومة وقوات الكفاح المسلح، هذه الحرب المشؤومة الطويلة التي قتلت وشردت الآلاف من المواطنين الأبرياء في اقليم دارفور وجنوب كردفان واقليم النيل الأزرق.
القائد حميدتي هو رجل المهام الصعبة كما يصفه المراقبون لنجاحه في فك طلاسم الكثير من الملفات الأمنية المعقدة وإصلاحها، سواء كان ذلك في السودان أو دولة جنوب السودان، كما هو معلومٌ بالضرورة أنه لعب دوراً رائداً في طي صفحة الخلاف بين مجموعة سلفا كير ونائبه رياك مشار وتوقيعهما اتفاق سلام، أعيد بموجبه مشار للسلطة بعد أن كان طريداً ومشرداً ومطلوباً للسلطات الحكومية، القائد أدرك أنّ الصراع والحرب في دولة جنوب السودان لها تأثيرها المباشر على الأوضاع الداخلية في السودان، وخاصةً تدفق اللاجئين على الحدود ويشكل ذلك خطورة أمنية وصحية، كما أن وجودهم في النقاط الحدودية بين البلدين قد يخلق أزمة جديدة تضاف لأزماتنا المستفحلة، ومن المؤكد أن الوفد سيناقش موضوع الحدود باعتبار حدود السودان الجنوبية تمثل خميرة عكننة وقنبلة موقوتة قابلة للانفجار.
والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل،،،
صحيفة الصيحة