صفاء الفحل تكتب: سياسيون من ورق
منذ رحيل أفذاذ السياسة الذين جاهدوا الاستعمار وأجبروه على الرحيل، أمثال إسماعيل الأزهري ومحمد أحمد المحجوب ومبارك زروق وغيرهم من أفذاذ ذلك الجيل الذي لن يتكرر والذين ضحوا من أجل هذا التراب بالغالي والنفيس، لم ينعم الوطن بسياسيين يمتلكون الغيرة والوطنية، ويقدمون العلم والخبرة والتجرّد على الولاء الضيق، فمنذ أن تولى عبود زمام الحكم، تبدلت الولاءات إلا من اشراقات قليلة، فمن الطبيعي أن تصنع الدكتاتوريات العسكرية والتي أمتد حكمها للبلاد لأكثر من خمس وخمسون عاماً منذ خروج الحكم الثنائي من البلاد (ولن نقول الاستقلال مالم ننعم بالحرية والسلام والعدالة) من الطبيعي أن تصنع تلك الدكتاتوريات سياسيين أرزقية من ورق، لصناعة مد جماهيري زائف لها وأن يواصل هؤلاء (الوهم) بأنهم عباقرة وأفذاذ ليضغطوا على أعصاب الشعب السوداني الذي يخرج كل صباح للخلاص منهم.
ولعل فترة الحكم الكيزاني أكثر الفترات التي افرزت (موهومين) من ورق، خاصة خلال فترة التمكين فظهر على السطح العديد من الأرزقية الذين استعان بهم النظام الذي كان بلا كوادر للاستمرار في الحكم من أمثال برطم والجاكومي وترك والتوم هجو، والعديد من الذين صدقوا انفسهم بأنهم سياسيين وقادة ومفكرين ومازالوا يصدعون رأس الوطن بتصرفاتهم الهوجاء وتحركاتهم البائسة للعودة للسلطة والجاه.
هؤلاء الارزقية الذين صنعتهم تلك الانظمة الشمولية لا يمكن تسميتهم بالسياسيين، بل هم عبارة عن خنجر في خاصرة الوطن وأداة في أيدي المغامرين من العسكر لضرب الاستقرار السياسي، وصناعة عدم التوازن لتبرير استمرار العسكر في الحكم، وهم أنفسهم يعلمون ذلك ويطالبون بالثمن بالمناصب والسلطة والثروة، ويعلقون شارة الخيانة الوطنية في صدورهم بلا خجل طالما أنها تحقق اطماعهم القذرة.
ما يفعله اليوم ترك في الشرق وبرطم في الشمال وقادة المليشيات في الغرب خيانة وطنية مكتملة الأركان، تتطلب تقديمهم لمحكمة تحت تهمة التآمر على الوطن والدعوة لتمزيقه، هذا إذا كنا في زمن غير زمن البرهان وحميدتي والحركات الارزقية التي ظللنا نكرر بأن قادتها هم جزء من مصيبة هذا الوطن المنكوب، والتي جاءت اساسا لتمزيق الوطن، ولكن لهذا الوطن ربا يحميه وشعبا أبيّ سيقف حتما في وجه هذه الدعوات شامخاً ولن يسمح أبداً بتمزيقه.
دعوات الانفصال التي يطلقها هؤلاء الارزقية هذه الأيام بلا سند جماهيري داخلي، اقليمي، دولي وماهي إلا عبارة عن محاولات منهم للعودة للمشهد السياسي واستجداء (للجنة الأمنية) للاعتماد عليهم وهي مرفوضة وهم أيضا مرفوضين تماماً من أهل الشمال والشرق والغرب.
ولك الله يا وطن من دعاوى الارزقية والجهلاء، ونعاهدك بأن الثورة لن تتوقف وستستمر وستبقى واحداً موحداً مهما تعاظمت المؤامرات، وسيعيش سوداننا الواحد الموحد علماً بين الأمم، وسيظل القصاص للشهداء أمانة في أعناقنا..
صحيفة الجريدة