الدين لا يقوى بدغدغة المشاعر
الكثير يظن أن هذا الدين يقوى وتؤتى ثماره بمجرد التفوه والتلفظ بقصص معبرة أو ذكر سير بعض الأعلام.
بمجرد إثارة المعاشر والعواطف.
بمجرد إخافة الناس بأعداء الإسلام.
يتم ذلك سواء عبر المنابر التي تدعو لمحبة الرسول صلى الله عليه وسلم.
أو تلك المنابر التي تدعو لإدارة الدولة من جانبين متداخلين:
أحدهما: حفظ شعائر الله بتطبيقها.
والآخر: حفظ العنصر الإنساني باتباع شعائر الله.
تقوية الدين سواء روحيا أو سياسيا لا تتم بمجرد دغدغة المشاعر من مثل إصدار كلمات رنانة لا علاقة لها بالواقع.
من مثل رفع الأصوات بآيات قرآنية كريمة وأحاديث شريفة.
كل ما يطبق سلوكيا عكس تعاليمها، وكل ما تنادي به لا يعبر عنه الواقع.
من يريد أن ينصر هذا الدين، فلا يمشي بطريق على مزاجه.
فلينظر من نصر هذا الدين ما الخطوات التي كان يتبعها لنصره.
من نصر هذا الدين كان إذا خير بين دينه ودنياه يختار دينه.
نعم إن الله غفور رحيم إذا تعثر المذنب وصوب عثرته.
إذا أخطأ وصوب خطأه لكن الاستمرار في اختيار الدنيا على الدين.
الاستمرار في هواية النفس على الصواب، فهذا الفشل بعينه، ولن تغير التمتمة بتعاليم الدين شيئا.
من نصر هذا الدين إذا خير بين التصدق وبين عدمه لاختار الصدقة؛ لأن هناك من البشر لا تؤثر فيهم لا موعظة ولا خطبة بقدر ما تؤثر فيهم من يقف معهم في ضيقهم وحاجتهم.
من نصر هذا الدين إذا خير بين أن ينتقم لخصمه وبين أن يعفو عنه لاختار العفو؛ لأنه لا يفكر يوما أن يقتص لنفسه، وإنما هي دعوة لله ورسوله.
من نصر هذا الدين إذا خير بين عادة مجتمعية وبين شعيرة دينية اختار الشعيرة الدينية غير آبه بمدح أو ذم يرجو في ذلك رضا الله.
من ينصر هذا الدين إذا خير بين أن يقول صدقا أو كذبا لقال الصدق مهما كانت نتائج هذا الصدق ولابتعد عن الكذب مهما كانت مغريات هذا الكذب.
هذه هي مؤهلات وصفات من ينصر هذا الدين.
أما الذين يدعون نصره بمجرد تحريك لسانهم بما يحفظونه من آيات وأحاديث وقصص يدغدغون بها مشاعر الناس وسلوكهم وتعاملهم لا علاقة لها بهذه الآيات والأحاديث، فهؤلاء أشد خطرا وأشد فتكا بهذا الدين العظيم من أعدائه.
الأزمة الحقيقية في من يحمل هذا الدين ولا يحسن التعامل بتعاليمه.
الأزمة الحقيقية ليست في أعدائه.
فأعداؤه حتى إن ابتعدوا عنه لن ينصروه.
فإن كفوه شرورهم، فمن يكفيه شر أبنائه وشر تمسكهم بالدنيا.
وقد قالها لنا رسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه:
(… فو الله ما الفقر أخشى عليكم ولكني أخشى أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها وتهلككم كما أهلكتكم.)
محجوب مدني محجوب
صحيفة الانتباهة