محمد عبد الماجد يكتب: الزمن الجميل !
(1)
جرى الحديث عن الماضي البعيد والتاريخ القديم والايام الخوالي على انها تمثل عندنا (الزمن الجميل)… حتى وان كان ذلك الماضي مؤلماً ومؤسفاً – نحن تعودنا ان يكون حنيناً للماضي دائماً بتبجيل وتقدير.
الذكريات عندنا تحظى بمكانة لا يجدها الحاضر ولا المستقبل.
العهد الذهبي للسودان كان في فترة الاستعمار – شوارع الخرطوم عندما يعرضونها لك في (صور) عن تلك الحقبة ، تشعر ان العاصمة السودانية لم تكن تقل عن العاصمة البريطانية (الدولة المستعمرة) في شيء.
محتوى مدفوع
مطار الخرطوم يوضح حقيقة زيادة رسوم المغادرة
العهد الذهبي في كرة القدم يرجع الى ايام جكسا وبرعي والعهد الذهبي في الفن يعود الى ايام الكاشف وعبدالعزيز محمد داؤود.
حتى الفنون التى شهدت تطوراً كبيراً في السنوات الاخيرة بحكم التقدم الذي حدث في التكنولوجيا والصناعة والاستثمار مثل صناعة السينما .. تراجعت عندنا.
السينما عندنا حتى في (المشاهدة) تراجعت.
الخرطوم في الماضي كانت امسياتها توزع بين المسارح ودور السينما وملاعب كرة التنس.
تخيلوا انهم كانوا يهاجمون الامام الصادق المهدي لأنه كان يلعب كرة التنس .. يهاجمونه على ذلك ولا يهاجمون من يلعبون بأرواح الناس.
ملعب الهلال استقبل في يوم اللاعب البرازيلي بيليه برفقة فريق سانتوس البرازيلي… وعلى خشبة المسرح القومي غنت كوكب الشرق ام كلثوم.
مسرح قاعة الصداقة استقبل نزار قباني وعبدالرحمن الابنودي وفي الميدان الشرقي لجامعة الخرطوم كان يتحدث صلاح احمد ابراهيم ويغني محمد وردي.
عبدالناصر كان عندما يحبط يأتي للخرطوم ليستمد من مقرن النيلين الصمود.
في صحفنا السياسية كان يكتب محمد توفيق وابو امنة حامد وعلي المك.
اذن نحن لسنا مخطئين عندما نشعر بالحنين الى الماضي.
(2)
كيف لا نشعر بالحنين الى الماضي وواقعنا السياسي الآن ينضح بتصريحات حميدتي وتهديدات تِرك وتطلعات برطم؟
في الخرطوم يوجد اكثر من عشرة جيوش ومسرح واحد آيل للسقوط.
جيوش أتي بها السلام.
لو كانت الخرطوم في حالة حرب .. ما كانت الاوضاع فيها سوف تكون على هذه الحال.
الخرطوم التى تغني لها حسن عطية واحمد المصطفى وسيد خليفة ..حولها جبريل ابراهيم الى عاصمة (جبايات).
رجال المرور الذين ينتشرون في الطرقات يشعرونك ان (9) طويلة اصبحت ترتدي الزي الابيض و تستعمل الايصالات الالكترونية… وهم لا لوم عليهم ولا ذنب لأن الحكومة هي التى رفعت رسوم المخالفات الى هذا الحد.
حاضر السودان يبدو قاتماً .. لهذا نرحل الى الماضي… لقد اصبح اغلب السودانيين يخشون من (الصبح) ..لأن الصبح عندما يأتي سوف يحمل معه (رسوم الدراسة) الواجبة السداد.
الامسيات مهددة بحق (اللبن).
الغد (مخيف) في السودان بسبب اجرة المنزل وسداد القسط وعداد الكهرباء.
(3)
كانت الحكومات في السنوات الماضية البعيدة تتكفل بكل خدمات الصحة والتعليم للمواطن السوداني.
كان هنالك تحفيز على تعليم الابناء – الدولة تقوم بذلك على اكمل وجه.
الآن الدخول للجامعة (مشكلة) والدخول للمدرسة (مشكلة) والدخول للمستشفى (مشكلة)… والدخول للمطار حتى وان كنت مودعاً او مستقبلاً احداً القادمين (مشكلة).
اذا سألنا انفسنا ماذا تقدم الحكومة للمواطن؟ .. الاجابة سوف تكون : لا شيء .. (الأمن) في الخرطوم اصبح مفقوداً.
لن نسألكم عن الخبز والسكر والتعليم والعلاج.. نسألكم فقط عن (الأمن)!!
(4)
بغم
حكومة الانقاذ كان فيها (بشير) واحد .. ولكن هذه الحكومة فيها الف (برهان).
وكل الطرق تؤدي الى (المدنية).
صحيفة الامتباهة