محمد عبد الماجد يكتب: رأس فولكر
(1)
لو منحت (العدو الاسرائيلي) فرصة لكل يخرب الوطن ويقد عين الشعب لما فعل اكثر مما تفعله الحكومة الانقلابية الآن.
في كل خطابات البرهان يشعرنا ان (الجيش) مؤسسة لا علاقة لها بالوطن وان الشعب (عدو) الجيش.
القوات المسلحة في السودان تفعل كل شيء عدا مهامها الرئيسية .. فهم لهم ان يحكموا البلاد ويمارسوا السياسة ويتاجروا ويستثمروا ويديروا النشاط الاقتصادي والرياضي والإعلامي والاجتماعي عبر الادارات الاهلية … ولهم كذلك ان يفعلوا في السياسة ما يطيب لهم ذلك وان يشرعوا فيها كيفما يشاءون. حرموا على كل السياسيين والمدنيين التدخل في الجيش والتعامل معه بمفهوم (ممنوع الاقتراب والتصوير) وحللوا للأجانب والدول الاجنبية التعامل مع الجيش والاستكانة مع مبادراتهم.. الجيش في السودان يتدخل في الصحة والتعليم وحركة المرور وطبق اليوم واستقبال استاد الهلال لمباريات المريخ في البطولة الافريقية.
محتوى مدفوع
الشغيل يتراجع عن الاعتزال و يوقع للاهلي الخرطوم
الجيش يكاد ان يتدخل في قسيمة الزواج وشهادة الميلاد وشهادة الوفاة، في الوقت الذي على كل هؤلاء الذين يتدخل الجيش في حياتهم – لون القميص وتسريحة الشعر ونوع العطر وطعم القهوة ان يبتعدوا عن الجيش.
نحن منذ ان ولدنا وجدنا ان الجيش هو الذي يحكم البلاد وهو الذي ينقلب على السلطة، وهو الذي ينحاز للشعب عندما تحدث انتفاضة ضد الحكومة التى يمثلها.
الشعب السوداني اسقط (جيش) عمر البشير واسقط (جيش) عوض بن عوف ووجد ان الذي يحكمه هو (جيش) البرهان.
من جيش لي جيش.
الفرق بين حكومة البشير وحكومة البرهان ان الاخيرة استعنا فيها بحكام تقنية الفيديو (الفار).
(2)
من اكبر كوارث انقلاب 25 اكتوبر انها حركت في العروق عصبية القبيلة وأشعلت فتنتها، وهذا امر رتب وعمل من اجله النظام البائد.
القبيلة عادت للواجهة من جديد لأن نظام الانقاذ كان يغذي نوازعها ونعراتها البغيضة بالتجييش والتسليح والموز وكبدة الابل والتفريق والتهميش حيناً والتمييز حيناً، في الوقت الذي اضعفوا فيه الاحزاب السياسية لتصبح مجرد (مقار) تنتظر حصتها من السلطة مثلما تنتظر الاسر الفقيرة حصتها من المواد التموينية (السكر والدقيق والعدس والزيت) حينما كانت مدعومة وتصرف عبر الجمعيات التعاونية.
جعلوا الاحزاب السياسية مثل (فراخ الجمعية).. كلما احسنوا (علفها) احسنوا (تسمينها).
حكومة انقلاب 25 اكتوبر جاءت وخاطبت الناس على اساس (قبلي).. لم يكن لها نصير او طريق غير ذلك، لأن العهد البائد كان قد رتب اوضاعه لهذا اليوم، بهذه الكيفية.
التمييز الآن والتنافس يقام على مضمار (القبيلة).. مؤسف ان يرفض البرهان ممارسة (الحزبية) في الوقت الذي تمارس فيه (القبلية) وتمارس فيه (عسكرة) القبائل..
رفضوا للمدنيين وللساسة التدخل في (الجيش) او هيكلته على اسس علمية ووطنية وفتحوا المجال لتكوين (جيوش) خارج رحم القوات المسلحة .. معظم القبائل في غرب البلاد وشرقها وشمالها اعلنت عن تكوين (جيوش) خاصة بها.
نحن وصلنا الى مرحلة نرى فيها (الادارات الاهلية) تتحكم في الاشياء حتى في العاصمة (القومية).
العقلية التى يفكر ويتحدث بها المك عجيب الذي هدد فلوكر بمصير غردون توضح (العقلية) التى يخططون بها .. يريدون ان يعيدونا الى عصر الجاهلية .. ومَا أَنَا إِلَّا مِنْ غَزِيَّة إِنْ غَوَتْ… غَوَيْتُ وَإِنْ تَرْشُدْ غَزِيَّة أَرْشُدِ.
الادارات الاهلية هي شكل من اشكال الكوارث التى يمكن ان تدخل السودان الى (الجحيم).
انهم يرسلوننا الى هنالك.
(3)
من الاسباب التى دفعت بالقبائل في السباق السياسي اتفاقية سلام جوبا، والتى تمت على (محاصصات) قبلية.. وأوقدت (العصبية)، وجعلت الشرق يتمرد والبطانة تتجيش والشمال يتأهب.
غير مقبول ان نرفض المحاصصات السياسية والحزبية ونقبل بالمحاصصات (القبلية).
البلاد الآن بدون مجلس تشريعي وبدون محكمة دستورية وبدون رئيس وزراء وبدون حكام ولايات وبدون حكومة من الاساس .. طبيعي ان تحفّز هذه الفراغات (القبيلة) ليكون هنالك صراع وعراك من اجل السيطرة على السلطة وعلى الدولة بقوة السلاح وعصبية القبيلة.
البرهان اختزل (الجيش) في خطاباته السياسية التى ظل يرفض فيها تفكيك القوات المسلحة او تدخل المدنيين في المؤسسة العسكرية .. وحقيقة الامر ان (الجيش) الآن يشكل غياباً تاماً .. ليس من الساحة السياسية وإنما من الساحة بوجه عام .. تفكيك الجيش وتفتيته يظهر من خلال تلك (الجيوش) الكثيرة والمتعددة التى اضحى يعلن عنها من وقت لآخر.
اذا كان البرهان يريد فعلاً ان يكون الجيش قوياً وان يعيد للقوات المسلحة مكانتها وكرامتها عليه ان يدمج تلك الجيوش الكثيرة في القوات المسلحة.
الاحزاب (السياسية) والقوة (المدنية) لا يمكن ان تضعف الجيش .. من يضعف الجيش قوات الدعم السريع وقوات الحركات المسلحة .. على البرهان ان يكون شجاعاً ويطعن في (الفيل) بدلاً من ان يطعن في ظل (الغزالة).. حتى (ظل الفيل) لا يمتلكون جرأة للطعن فيه حتى لا يزعجوا او يقلقوا صاحب الظل.
(4)
بغم
ظل البرهان ينصح ويرشد الاحزاب والكيانات (المدنية) في البلاد وجيشه (مخلع).
بلد اصبح عدد (الجيوش) فيها اكثر من عدد (الاحزاب)!!
وكل الطرق تؤدي الى (المدنية).
صحيفة الانتباهة