
تعاني قري ريفي شمال محلية تندلتي بولاية النيل الأبيض وهى قرى يعمل أهلها في مجال الزراعة كمهنة أساسية بالنسبة لهم إلى جانب الرعي، الكثير من المشكلات بافتقارها لا بسط مقومات الحياة ويأتي على راس هذه المشكلات مياه الشرب النقية للإنسان والحيوان معا ، فالماء هو الحياة بالنسبة لسكان هذه المناطق التي تعاني كثيرا من الظلم والتهميش من الحكومات المتعاقبة وكذلك من مسؤولي محلية تندلتي التي تتبع لها هذه المناطق مباشرة.
وبحكم صلتي الشديدة بهذه القرى وبأهلها الكرام منذ سنوات طويلة ،فإنني لم اشاهد لمحلية تندلتي ولحكومة الولاية وللحكومة الإتحادية، إقامة أي مشروع تنموي في هذه المناطق ، صغيرا كان أم كبيرا.
وهذه القرى أو ما يعرف بـ مثلث العطش “هي قرية مالك والشوق والتليبات وفريق أولاد حمد الله وتكال أولاد كاجا والشقيلة وكرانك عيال الزين وأم دقاقة وغيرها من القرى المجاورة
ورغم أن هذه القرى لا تبعد عن مدينة تندلتي مقر المدير التنفيذي للمحلية وحكومته المحلية سوى بضع كيلومترات الا أن مسؤولي المحلية لم يتكرموا يوما بالعمل على حل مشكلاتها من خلال القيام بزيارات لها وتفقد أحوال أهلها ناهيك عن أن يحظوا بزيارات لمسؤولين في الحكومة الاتحادية أو حكومة الولاية.
وقد سنحت لي الظروف خلال الفترة القصيرة الماضية، زيارة هذه المناطق التي اعتدت زيارتها من إلى حين إلى آخر في مناسبات عدة، وقد تملكني الحزن والألم من حالة الإهمال الشديد الذي تعاني منه من قبل الجهات الرسمية المنوط بها خدمة المواطن وهو الذي من عرقه يمتطي هؤلاء المسؤولون السيارات الفارهة والمنازل الفخمة وخدمة هذا المواطن البسيط في هذه القرى النائية والبعيدة هي من اوجب واجباتهم لكنهم بالنسبة لهؤلاء المسؤولين فهم نسيا منسيا لا أحد يذكرهم أو يتفقدهم ويطمئن على أحوالهم.
وهذه السطور هي بمثابة نداء عاجل للمسؤولين خاصة والي الولاية للالتفات إلى هذه المناطق التي تمد الولاية بالكثير من المنتحبات الزراعية والحيوانية والعمل على تنميتها وتطويرها والارتقاء بإنسانها من خلال الاهتمام بالتعليم بإنشاء المدارس وتوفير الخدمات الأساسية التي تعين أهل هذه المنطقة على الاستقرار في مناطقهم وتعميرها وتجنب النزوح إلى مناطق أخري بحثا عن الخدمات الأساسية ومياه الشرب.
ومشكلة مياه الشرب في هذه المنطقة مزمنة ومتجذرة منذ عشرات السنين لكنها متجددة ولم تجد الحل الناجع فقد عايشت بحكم أنني ابن المنطقة وتحديدا ” قرية مالك” مسقط راسي، مشكلة العطش في هذه المنطقة وغيرها من المشكلات الأخرى منذ الصغر فقد كنت واقراني في ذلك الوقت نضطر للذهاب بالدواب في رحلات تستغرق ساعات طويلة بحثا عن ماء الشرب ولا تزال هذه المعاناة بالنسبة لأهل المنطقة مستمرة التي نأمل أن تضع الحكومة الجديدة للولاية حدا لها من خلال البدء في خطوات عملية بإسناد من الجهد الشعبي لأبناء المنطقة لتغيير الواقع الحالي الذي يعيشه أهلنا هناك .
ورغم تعاقب الحكومات على هذه الولاية الا أن أحدا من المسؤولين لم يفتح الله عليه بإيجاد حلول جذرية لهذه المشكلات رغم أن توفير هذه الخدمات لا يكلف ميزانية الحكومة الولائية أو الاتحادية أموالا ضخمة مقارنة بحجم المعاناة يعيشها سكان هذه المناطق.
وإلى جانب مشكلة العطش ومياه الشرب النقية فإن هذه المناطق تفتقد إلى أبسط مقومات الحياة، إذ لا يوجد بها سوى مدرسة أساس واحدة وهى مدرسة قرية مالك التي شيدت في العام 1958 وهذه المدرسة التي تستوعب إلى جانب تلاميذ قرية مالك أيضا تلاميذ القرى المجاورة هي الآن باتت آيلة للسقوط رغم محاولات بعض أبناء المنطقة الخيرين إعادة صيانتها من جديد كما أنه لا توجد في كل هذه القرى بامتداداتها المختلفة، مدرسة ثانوية واحدة
وقصدنا من هذه السطور أن نضع مسؤولي حكومة الولاية ممثلة في والديها الجديد عمر الخليفة وكذلك الحكومة الإتحادية وديوان الحكم الاتحادي أمام مسؤولياتهم الأخلاقية تجاه سكان هذه المناطق
ونأمل من الوالي الجديد للولاية السيد عمر الخليفة الذي استبشر الجميع بتوليه مسؤولية الولاية، قيادة مبادرة لحل هذه المشكلات وعلى راسها مشكلة مياه الشرب وبحكم أنه ابن الولاية فإنه بالتأكيد يعرف كل تفاصيل المعاناة التي يعيشها أهلنا الكرام في هذه المناطق وفي غيرها ولم يجدوا الإنصاف على الرغم من أن هذه المناطق تفتقد لأبسط الخدمات وهي الماء ناهيك عن الخدمات الأخرى التي تفتقدها المنطقة مثل المؤسسات التعليمية والصحية والتنموية والخدمية وغيرها
وأطلق شباب المنطقة العديد من المبادرات التي من شأنها أن تضع مسؤولي حكومة الولاية أمام مسؤولياتهم كاملة تجاه هذه المنطقة وبضرورة الاهتمام بها والسعي لحل المشكلات التي تعاني منها ومن بين هذه المبادرات إقامة نفير وصندوق للإعمار و أسبوع توعية بأهمية إعادة تشجير المنطقة بالأشجار والغابات بعدما باتت تشكو التصحر بسبب القطع الجائر للغابات خصوصا أشجار الصمغ العربي نتيجة للزراعة “بالمحاريث” ويشتمل أسبوع التوعية كذلك على حملة إعلامية واسعة للتعريف بمدى التهميش الذي تعشيه هذه المناطق من خلال دعوة بعض القنوات التلفزيونية والصحف لزيارة المنطقة والتعرف على المشاكل التي يعانيها سكانها ونقل الصورة والحقيقة كاملة دون رتوش ووضع مسؤولي الحكومة الاتحادية وديون الحكم الاتحادي و الولاية وحكومة محلية تندلتي أمام مسؤولياتهم الأخلاقية تجاه مواطنيهم في هذه المناطق والعمل توفير أبسط الخدمات الضرورية لهم والقيام بزيارات لهم وتفقد أحوالهم ومعرفة مشاكلهم عن قرب.
اللهم هل بلغت.. اللهم فأشهد
صحيفة الانتباهة