مقالات متنوعة

محيي الدين شجر يكتب : حَرِّروا الخرطوم في ذكرى تحريرها! (من التاريخ)


26يناير 2023
عَاشَت الخرطوم، فترةً تاريخيةً عصيبةً منذ بداية الثورة المهدية باعتبارها مقر حكم الغزاة، وكان من المُتوقّع أن تزحف إليها قُوّات المهدي المُناوئة للحكم العثماني في السودان ووكيله خديوي مصر، في أيِّ وقتٍ، بعد أن حقّقت انتصارات باهرة على القوات العثمانية في مُختلف مُدن السُّودان، آخرها كان الانتصار الكبير على الجنرال الإنجليزي وليام هكس باشا في شيكان 1883م, هكس باشا الذي هزمته قوات المهدية في شيكان!!
بدأت جيوش المهدية تُحاصر الخرطوم منذ مارس 1884، وتم عزلها عن العالم الخارجي، فَسُدّت الطرق من جهة الشمال، كما عُزلت عن بقية السُّودان، فأحاطت بها القبائل وأُحكم الحصار عليها من جميع أطراف السُّودان.
أمّا غردون، فقد عمل على تحصين الخرطوم التي كانت موقعاً حصيناً وزاد من تحصينها بناء حائط حول المدينة بثلاث بُوّابات، بوّابة الكلاكلة وبوّابة المسلمية وبوّابة بُرِّي، عليها مراكز نيران لصد أيِّ هجوم على المدينة وحُفِر الخندق الذي يربط بين النيلين الأزرق والأبيض وعرضه 12 متراً وبداخله نطاق من الألغام ضد الأفراد لتأخير وصَد القوات المُهاجمة مع وجود حامية الخرطوم.
في فجر 26 يناير 1885م، وبأمر المهدي، قاد الأمير ود النجومي، الاقتحام بستين ألف مقاتل، انتشر عشرون ألفاً منهم في مُواجهة الدفاع، وتسلّلت باقي القوة عبر فتحة ضيِّقة في الجدار الذي بُني حول الخرطوم عرضها 500 ياردة، وانقسمت القوات إلى قسمين، القسم الأول مُهمّته إبادة جند الحكومة من الخلف، والقسم الثاني هُجوم مُباشر رأساً إلى السرايا مقر قيادة غردون، اشتد القتال مع ساعات الصباح الأولى، وعند الضحى انكسرت المقاومة وسقطت الخرطوم. وكانت جماعة من الأنصار قد اقتحموا سرايا غردون، وبدلاً من أخذه أسيراً كما أمر المهدي، قاموا بقتله وقطع رأسه.
وفي ذكرى تحرير الخرطوم، يزداد الأمل بتحريرها مرةً أُخرى، فالخرطوم هي العاصمة التي نُسمِّيها قلب الوطن العربي وقلب أفريقيا، والمعبر بين الأمتين العربية والأفريقية، وعاصمة الصمود، وعاصمة العلم والإعلام والرياضة.
في ذكرى تحرير الخرطوم، حَرِّروها من الجريمة و(9 طويلة) ، ومن الاختطاف والنهب والسرقات، حَرِّروها من الأوساخ والقمامة والأكياس البلاستيكية وبقايا الطعام وتدهور البيئة بالأسواق والأحياء، حَرِّروها من جيوش الذباب والبعوض وبِرَك المياه والملاريا والتايفويد، حَرِّروها من عشوائية مواقف المُواصلات وبراكين السّيّارات الخاصّة والحكوميّة، حَرِّروها من المُخدّرات وتُجّارها ومُروِّجيها والمُتعاطين بنشر الوعي والعقوبات الرّادعة، حَرِّروها من تهالُك طرقها ورداءتها، حَرِّروها من العطش بزيادة محطات المياه، حَرِّروها من قطوعات الكهرباء في الصيف بصيانة المحطات وإضافة طاقات جديدة، حَرِّروها من بُؤس الرياضة بتأهيل الإستادات الرياضية وزيادتها وتهيئتها وفق مُواصفات “كاف وفيفا”، حَرِّروها بزيادة الخدمات الصحية بالعاصمة والأحياء، حَرِّروها بتوفير قطارات داخلية وقطارات للولايات، حَرِّروها لإنشاء أسواق لا مركزية تُخفِّف الضغط على القلب وتخلق فُرص عمل، حَرِّروها بخلق فُرص عمل للشباب حتى لا يلجأ للبدائل غير المُستحبّة، حَرِّروها بإفشاء السَّــــــــــــــــــــــــلام.
والسَّــــــــــــــــــــــــلام،،،

صحيفة الصيحة