أي الفريقين سيتفوق على الآخر: الدبابة الروسية أم العقل الأمريكي؟
كلا القوتين الروسية والأمريكية مصالحهما واحدة وهي الاستيلاء على موارد العالم الغربي منه والشرقي إلا أنهما يختلفان في الوسائل.
فالروسي أداته السلاح يستشهد لذلك من خلال سياسته مع كل الدول بمفهوم السلاح لا يهمه نظام سياسي وهذه الطريقة للأسف تدعم الطغاة والديكتاتوريات عندنا.
أما الطريقة الأمريكية وإن كانت أشد خبثا إلا أنها تخدم التحول الديمقراطي، وهي طريقة تعكس التطور السياسي لدى أمريكا. خطرها يتضح من خلال أنها تجند أصحاب البلد لتمرير سياستها كما أنها تضفي على تدخلها صبغة إنسانية قانونية حقوقية ديمقراطية وهي بعيدة كل البعد عن كل ذلك، وكما أن الوسيلة الروسية تربي الطغاة والظلمة، فإن الوسيلة الأمريكية تربي الطفيليين والخونة لأوطانهم.
لا ينبغي أن نستسلم للأطماع الروسية والأمريكية.
ينبغي أن نستغل كلا الوسيلتين لصالحنا كعرب وكمسلمين.
ننمي قواعدنا العسكرية من خلال الأطماع الروسية من باب المصالح المشتركة، ومن باب حوجتنا لمهارة الروس في السلاح مع الأخذ بعين الاعتبار بعدم استغلال هذه المنفعة.
وذات الأمر نمارسه مع العقل الأمريكي بحيث نستفيد من التعامل معهم لدعم تجربتنا الديمقراطية، ولدعم نظامنا السياسي دون اختراق لسيادتنا ومواردنا.
مع الأخذ في الاعتبار سواء مع الجانب الروسي أو الأمريكي بأننا لسنا مخيرين في التعامل مع هذه القوى الباطشة والمستبدة.
ظهور الروس ومن شايعهم، وأمريكا ومن شايعها تبرزان ثلاث سيناريوهات.
السيناريو الأول: انتصار الروس على الأمريكان في المنطقة، فهذا لا يخلف لنا سوى الطغاة، فإذا شاهدنا قوات (فاغنر) الروسية منتشرة في أنحاء السودان، وشاهدنا قواعد عسكرية روسية منتشرة على ساحل البحر الأحمر، فتأكدوا أن الذي استلم السلطة في السودان طاغية سوداني، وإن ادعى الصلاح والوطنية.
السيناريو الثاني: انتصار الأمريكان على الروس في المنطقة، فهذا لا يخلف لنا سوى رجرجة لا تفقه من الديمقراطية حرفا واحدا، وإذا شاهدنا بعثات الأمم المتحدة منتشرة في السودان، واستمعنا إلى الحديث عن الحريات، ولم نشاهد سوى قمع المتدينين وإفساح المجال للإباحيين، فتأكدوا أن أمريكا هي من تسيطر على الواقع السوداني.
السيناريو الثالث: فهو قطعا لا يمسح الروس من الوجود كما لا يمسح الأمريكان لكنه يتعامل مع كليهما بكل حصافة ورجاحة عقل، وقبل ذلك بكل إيمان واعتقاد راسخ بموروثه الديني وبموروثه الثقافي، فيجعل كلا الجانبين يدعمان صفه حيث يستفيد من آلة الحرب الروسية دون أن يستخدمها الروس ضد سيادة بلده وضد توجهها السياسي والعقدي.
كما يستخدم ويستفيد من النظام المدني الديمقراطي الأمريكي وهو ممسك بكلتا يديه على عقيدته وثقافته وهويته وثوابته.
يظهر سؤالان إزاء هذه السيناريوهات الثلاث: السؤال الأول منهما معلوم، والسؤال الثاني مجهول.
أما السؤال الأول المعلوم فهو:
هل سيتحقق السناريو الثالث سيناريو الانتصار على المد الروسي والأمريكي معا في المنطقة؟
الجواب على السؤال الأول:
نعم فقد قال لنا الله تعالى في محكم تنزيله: (ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون) سورة الأنبياء الآية (١٠٥).
فقطعا هؤلاء الصالحون الذين ذكرتهم الآية الكريمة لن يكونوا طغاة ظلمة يقهرون شعوبهم بآلة الحرب الروسية.
كما أنهم قطعا لن يكون هؤلاء الصالحون حلفاء اتفاقية (سيداو) التي تتبناها أمريكا.
السؤال الثاني المجهول هو:
في أي حقبة من حقب التاريخ سينتصر المسلمون على الروس والأمريكان معا؟
هذا هو السؤال الذي لا يعلمه إلا رب العزة، فقد قال الله تعالى: (قل لا يعلم ما في السموات والأرض الغيب إلا الله وما يشعرون أيان يبعثون) سورة النمل آية رقم (٦٥).
فعلى المسلمين اليوم أن يسعوا لتحقيق السيناريو الثالث؛ ليكونوا هم الحقبة التي وصفها الله بالصالحين، فإن لم يكونوا هم الصالحين فليتشبهوا بهم، فإن التشبه بالصالحين صلاح.
صحيفة الانتباهة