احمد يوسف التاي يكتب: زيارة كوهين
(1)
تظل زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي للخرطوم أيلي كوهين، والوفد الأمني المرافق له واحدةً من أبرز معالم حالتي الانقسام والاستقطاب الحادتين اللتين تشهدهما الساحة السودانية أكثر من أي وقت مضى ، وواحدةً من أبرزعلامات التصدع بالمشهد السياسي في السودان، وهي حالة تؤكد في الوقت نفسه بداية النهاية المُرة لمركز صناعة القرارات السيادية حيال القضايا الكبرى في البلاد على نحو يشير إلى إنفلات زمام الأمور من أيدي السودانيين واستقراره بأيدي أباطرة التدخلات الخارجية ولعل هناك كثير من المعطيات والمؤشرات القوية التي تعزز هذه الفرضية..
(2)
مما لا شك فيه مطلقاً أن الزيارة التي بدت شبه سرية وغير معلنة والتي أحيطت بسياج من التكتم والحذر زادت من وتيرة حدة الإنقسام الذي تشهده الساحة السودانية المتصدعة أصلاً ، ليس بين القوى المدنية والعسكريين فقط بل في أوساط العسكريين ، وداخل القوى المدنية على حد السواء ….فنائب رئيس مجلس السيادة السيد حميدتي ينفض يده بعيداً عن تلك المباحثات السرية ويقول أنه لا يعلم عن الزيارة شيئاً ولم يخطر بها أصلاً، وهذه النقطة الخطيرة لايجد المحللون والمراقبون صعوبة في الربط بينها ونتائج زيارة حميدتي إلى موسكو مع بداية حرب الغرب وأمريكا مع روسيا (الحرب الأوكرانية الروسية)، مما يشير بصورة أو أخرى رغبة تلك القوى الدولية واسرائيل في عزل حميدتي (المتعاون مع روسيا) في رأيهم ..وفي هذه المحطة يبدأ خروج الخلافات بين السيدين حميدتي والبرهان إلى العلن…وما يقال عن تباين مواقف العسكريين حول الزيارة يقال أيضاً عن مواقف القوى المدنية المنقسمة حيالها.
(3)
الزيارة أيضاً كشفت بشكل أكثر وضوحاً رغبة البرهان وعسكره في الاستمرار بالسلطة بدعم أمريكي إسرائيلي ، سواءً أكان بإنتخابات صورية كالتي جرت في مصر بعد الثورة الشبابية أو بدون إنتخابات تحت ذرائع أمنية أخرى..فالزيارة عكست حقيقةً أن معسكر البرهان لن ينأى عن السلطة ويدعها للمدنيين ، وقد وردت إشارات سابقة في خطابات البرهان تعزز عدم فكاك البرهان والجيش عن السلطة ، وهذه الزيارة أكدت المؤكد..اللهم هذا قسمي فيما أملك..
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين.
صحيفة الانتباهة