رأي ومقالات

عثمان ابراهيم: قوي الحرية والتغيير.. عادت ريما لعادتها القديمة


قوي الحرية والتغيير ( قحت المركزي ) والتي كانت جزءا من تحالف سياسي اجتماعي حماهيري كبير تجاوز المئتي فصيل وكيان وكان سببا في إندلاع وإنتصار ثورة ديسمبر المجيده وذهاب نظام الإنقاذ وتحقيق حلم الحكم الديمقراطي والسلام والعدالة.
أن إنتصار ثورة ديسمبر المجيده لم يكن ولد حراك عام أو عامين ، بل هي ثورة تراكمية بدأت منذ إستيلاء الإنقاذ على الحكم المدني والإنقضاض على الديمقراطية الوليده وتغيير نظام الحكم الي حكم الفرد الواحد وتركيز مركز القرار ليكون عند النخبة الحاكمة في الخرطوم دون سواها من ولايات واقاليم السودان المختلفة . فظهرت سياسة الاستعلاء وتمكين مجموعات علي حساب مجموعات أخرى وتمييز ثقافات وجهويات على حساب الآخرين ونشرت ثقافة فرق تسد وطفحت مجموعات معينه تمتلك المال والسلطة وتتحكم في الإعلام ولها كل الامتيازات علي حساب بقية الشعب ، مما دفع مجموعات وجماعات لحمل السلاح والذي كان هو الأمر الوحيد المتاح لتغيير سياسة الأمر الواقع ولنيل الحقوق بعد استنفاذ كل الطرق السلميه الممكنة.
فتكونت تحالفات عديده علي مدى الثلاثة عقود من حكم الإنقاذ، جمعت هذه التحالفات جميع أطياف الشعب بمختلف اتجاهاته وتوجهاته واختلافاته الحزبيه والايدلوجيه والجهويه وغيرها .فكان ثمرة هذا النضال والكفاح المشترك ثورة ديسمبر المجيده. واستبشر الناس ببدأ عهد جديد وسودان جديد يسع الجميع ويشارك الجميع في إدارة حاضره ورسم مستقبله، سودان شعاره : حرية… سلام…وعداله.

ولكن جرت مياه كثيرة خلال الفترة الإنتقالية وتغيرات عديده وتكتيكات وتكتلات وتحالفات تجمع أحيانا المتضادات وتفرق أحيانا أصحاب الفكر الواحد، وذلك لأن أغلب هذه الأحزاب والجماعات والكيانات لم تضع مصلحة الوطن كهدف أساسي ولم تكن الديمقراطية ولا الانتخابات من أولوياتها ولم يضع أمن المواطن ومعيشته نصب أعينها.

وهاهي قوي الحرية والتغيير المجلس المركزي او أربعة طويله لم تتعلم من دروس الماضي البعيد ولا حتى القريب .
فهي مازالت تمارس سياسة شيطنة الآخرين واستفزازهم وعزلهم تحت أسباب ومبررات مختلفة ليس من بينها الحرص على الحرية والسلام والعدالة وممارسة الديمقراطية الحقة ولا من باب الحرص علي استقرار الفترة الإنتقالية والوصول إلي الانتخابات في أقرب وقت ممكن.
فهي تتحجج وتماطل لزيادة مدة الفترة الإنتقالية بحجة إزالة تمكين الإنقاذ وفي الواقع هي تريد أن تكرس التمكين لجماعتها وشلتها ولمنسوبيها دون سواهم.
فقحت او أربعة طويله تمزقت وصارت ثلاثة أحزاب + ياسر عرمان، وهذا الأخير هو مستشارهم ونصيرهم وشبيههم ورفيقهم ودليلهم …
إذا كان الغراب دليل قوم فلا فلحوا ولا فلح الغراب
فهولاء الأقزام يتمسكون بجلباب حزب الأمة لأنه بالنسبة لهم كورقة التوت، إذا سقطت ظهرت عوراتهم وانكشف حجمهم الطبيعي مجرد شله واحزاب صفرية ليس لها أي رصيد سياسي ولا نضالي ولا رصيد جماهيري لذلك هم يستقوون بالمجتمع الدولي والاقليمي بعد فارقهم رفاق الأمس وانفض من حولهم رجال المقاومة.
فقحت المركزي لم تتعلم حتى مما جري لها يوم 25 ديسمبر 2021 ، حين انقلب عليهم البرهان وزج بهم في السجون ورفدهم من وظائفهم وطردهم من وزاراتهم وجردهم من امتيازاتهم التي استولوا عليها عبر أرواح الشهداء ودماء الجرحي ودموع الأمهات والآباء. فعادت ووقعت الاتفاق الايطاري مع العسكر بشقيه جيش ودعم سريع وتنازلت عن لاءاتها الثلاث دون الرجوع إلى رجال المقاومة ولا رفقاء وشركاء الأمس القريب.
وعادت ريما لعادتها القديمه…بنفس الوجوه القديمه وبنفس الأفكار الإقصائية والاستفزازية . عادت وشعارها أنا الثورة…والثورة أنا…صنعتها وحدي… ونصرتها وحدي…وسأقطف ثمارها وحدى.
عادت قحت إلي عادتها القديمه وهي تمارس سياسة إقصاء الآخرين خاصة شركائها من حركات الكفاح المسلح كما فعلت تجاههم بعد إنتصار الثورة . فجاؤها عبر إتفاقية سلام جوبا والتي أصبحت شوكة في حناجرهم لم يستطيعوا بلعها ولا يستطيعون إلغائها كما ذكرهم بذلك السيد فالكر.
عادت قحت تمارس سياسة الإقصاء تجاه الآخرين بحجة أنهم فلول وهي تجهل أن هذه الجماعات والحركات والأحزاب إنما شاركت الإنقاذ بموجب اتفاقيات سلام مشهوده دوليا واقليميا في كل من القاهرة والدوحة وانجمينا وجوبا والخرطوم حيثما كان ناشطوا قحت ومنظريها حينها يتنعمون بنعيم الإنقاذ ويشاركونها توظيفا واموالا واستثمارا عن طريق أقاربهم وأبناء عشيرتهم وكانوا في مأمن من بطش رجال أمن النظام وجلاديه.
عادت قحت وعاد معها الصحفيين والاعلاميين الثرثارون يتنقلون من فضائيه إلي الأخري يبيعون نفس البضاعة الفاسده الكاسده ويرددون نفس الأحاديث والمقالات السلبيه والاستفزازيه مستقلين امبراطورياتهم الاعلامية التي بنوها في زمن الإنقاذ . إعلاميون وصحفيون معلومي التوجهات والايدلوجيات والجهويات. ينشرون خطابات الكراهيه والعنصرية ويشعلون نيران القتنة ويؤثرون سلبا في النسيج الاجتماعي .

لن تستطيع قحت المركزي إدارة الفترة الإنتقالية وحدها خاصة حالة خروج المكون العسكري. ولن تستطيع أن تجعلها آمنه مستقرة، وستكون التحديات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية أكبر من إمكانياتها المحدوده جدا ولقلة خبرتها . وسيقف المعارضون لها بالمرصاد بالاضرابات وخلق الاضطرابات الأمنية والتظاهرات وتتريس الشوارع وقفل المواني وسيجد أنصار النظام السابق الفرصة للإنقضاض عليها والإجهاز عليها.
لذلك فالاحري والأفضل لقحت وللسودان أن تسعي هي لتوسيع قاعدة المشاركة ولتحقيق آكبر إجماع ممكن لإدارة الفترة الإنتقالية. فكل الأحزاب والجماعات وحركات الكفاح المسلح ورجالات الإدارة الأهلية وشباب المقاومة وكل من يريد ويسعي لمصلحة الوطن يمكن أن يكون جزء من الفترة الإنتقالية.
على قحت تحكيم صوت العقل والجلوس بتواضع والتخلي عن المكاسب الشخصية والحزبيه لإنقاذ الوطن من الضياع والتقسيم والتشظى. فالمطلوب هو أن تكون الفترة الإنتقالية مستقرة سياسيا وامنيا وإقتصاديا وإجتماعيا وأن تكون الحكومة المقبلة مكونة من جميع أطياف المجتمع السوداني ويجد الجميع نفسه فيها ليكونوا سندا وعونا لها حتى الوصول إلى الانتخابات الحرة والنزيه بدون تأخير ولا تعطيل.

أللهم هل بلغت … أللهم فأشهد

أللهم ولي أمورنا خيارنا … ولا تولي أمورنا شرارنا
أللهم جنب السودان وشعبه الفتن ما ظهر منها وما بطن.
أللهم من أراد بالسودان خيرآ فوفقه..ومن أراد به سوءا أللهم أجعل تدميره في تدميره.

عثمان إبراهيم آدم
فرانكفورت / المانيا