مقالات متنوعة

احمد يوسف التاي يكتب: المتغطي بالأيام عريان يا برهان


(1)

(لم يبق لنا مما ملكنا من أقاليم الأرض قدر ذراعين تُحفر فنُقبر، فما الدنيا لساكنها بدار، ولا ركونه إليها سوى انخداع واغترار)…هذه العبارة الشهيرة نطق بها السلطان علاء الدين محمد الخوارزمي ،السلطان قبل الأخير للإمبراطورية الخوارزمية والذي كانت سطوتُه وصيتُه ملآ الآفاق،نطق بتلك العبارة في لحظة يأس بعد أجتياح المغول لبلاده..

روى لنا التأريخ أنه وفي جزيرة نائية في بحر قزوين وجد السلطان علاء الدين نفسه وحيدًا شريدًا، ذهب عنه سلطانه، وضاعت دولته، وفقد جاهه وملكه أمام إعصار المغول المدمر، الذي اجتاح كل شيء، وقضى أيامًا كئيبة يتذكر ما مضى من حياته ولا يكاد يصدق ما حدث له من محن، وما حل به من كوارث، ولم يجد سلوى إلا في البكاء الحار لعله يخفف ما في نفسه من ألم وحسرة.

(2)

يومها تلفت حوله فلا يجد من أسرته سوى ثلاثة من أبنائه نجوا من مذابح المغول بعد أن وقعت أمه في أسر المغول، وقُتل نساؤه وأطفاله، ويتذكر خَدَمه وحاشيته وما كان فيه من أبهة وجاه فلا يجد حوله سوى أناس فقراء يأتون إليه بما يلزمه من ضروريات الحياة، ويزيد من حسرته ما ترمي إليه الأنباء من اجتياح المغول لبلاده وتساقط حواضرها وأصبح أسير يأسه وقنوطه، وأصابه المرض حينها قال لمن حوله تلك المقولة الشهيرة التي استهللنا بها هذا المقال..

(3)

لوأن الحالة التي تلبست السلطان علاء الدين في نهاية المطاف بعد أن وقع الفأس في الرأس، والتي أيقن معها أنه لن يبقى له مما ملك من أراض وأقاليم وضياع سوى زراعين ليقبر فيهما ، لوأنها طافت بذهن كل من دانت له سلطة ، لما كانت نهاية كثير من الحكام خاصة الطغاة والدكتاتوريين مشابهة لحالة السلطان علاء الدين في أحسن الأحوال…مضى ذكر علاء الدين ومثله معه ، ومضى مثل الأولين من الحكام ثم أتبعهم الآخرون، ولا أحد يأخذ العبرة والعظة من أحد، فلا نيرون اعتبرمن فرعون ولا القذافي اتعظ مما جرى لفرعون ، فقد تغطوا بـ (الأيام) وركنوا لها فأفسدوا وتكبروا وتجبروا وقتلوا ونكلوا بخصومهم ومنافسيهم وسحلوا كل من خالفهم حتى إذا انتهت أيام السلطة والسطوة لم يجدوا إلا مترين في زنزانة أو زراعين من قبر …إنها (الأيام ) … وكما يقول المثل : (المتغطي بالأيام عريان) والمقصود أيام النعيم والرخاء والدعة والسطوة والسلطة، وهذا ما قلناه من قبل للبشير واليوم نقوله للبرهان ومن معه لعلهم يتذكرون أويخشون…..اللهم هذا قسمي فيما أملك…

نبضة أخيرة:

ضع نفسك دائما في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله ، وثق أنه يراك في كل حين.

صحيفة الانتباهة