محمد أحمد الكباشي يكتب: الكباشي في جنوب كردفان
قبل ما يزيد عن الشهر أجريت حواراً عبر (الانتباهة) مع والي جنوب كردفان موسى جبر تحدث فيه بوضوح عن مجمل القضايا بولايته، مع التركيز على الوضع الأمني وحالة التفلتات الأمنية والصراع القبلي بين مكونات بالولاية، وشكا صراحةً من تنامي ظاهرة القتل دون أن يجد كثير من الجناة العقاب الرادع بسبب تدثر هؤلاء الجناة بلباس القبلية، وبالتالي عجز الأجهزة الأمنية عن القبض عليهم.
الوالي في حواره وصف حكم وإدارة جنوب كردفان كمن يسير حافي القدمين في حقل زراعي مليء بأشواك (الضريسة)، وهذا الاستدلال يؤكد أن حقول الولاية جميعها مليئة بأشواك (الضريسة) من واقع الأحداث والصراعات الأخيرة، وتأكيداً لما ذهب إليه الوالي فقد شهدت حاضرة الولاية كادقلي في الأسبوع الأخير من يناير الماضي أحداثاً مؤسفةً أعقبها إغلاق للطريق القومي، فهذه الأحداث دفعت لجنة أمن الولاية لإعلان حالة الطوارئ.
وصباح الأحد الماضي حطت طائرة الجنرال وفي معينه وفد رفيع المستوى من ضمنهم وزير الداخلية الفريق شرطة عنان حامد وقائد القوات البرية الفريق رشاد عبد الحميد وممثل جهاز الأمن، وكان لهؤلاء دور كبير في العمل على إزالة (أشواك الضريسة)، أو هي الحالة التي أشار إليها والي الولاية.
وتحدث الفريق أول كباشي في مستهل زيارته مخاطباً جماهير الولاية باستاد كادقلي بلغة مبسطة وقوية تجاوب معها الحضور بالهتافات المؤيدة والمساندة، فقد لامست أشواقهم خاصةً حديثه عن الإجراءات الأمنية وبسط هيبة الدولة، وفي ذات الوقت لم ينجر الفريق إلى مستنقع القبلية، فقد حمل هم الجميع، كما أنه لم يرتم في أحضان الإدارة الأهلية بخلاف بعض المسؤولين الذين يخطبون ودها ويهرولون نحوها متى ما أرادوا، وهنا لا بد أن أشير إلى أن الكباشي خلال وجوده بكادقلي أغلق الباب تماماً أمام زيارات لقيادات أهلية بالولاية، وأراد بذلك أن يقف على مسافة واحدة من الجميع، ولا يريد أن يفتح باباً على هذا النحو ربما يصعب عليه إغلاقه أو ربما يعرضه للحرج. ونعلم ان الرجل يقدر قادة الإدارة الأهلية، فأكد كباشي أنه رجل دولة.
وتحدث عضو مجلس السيادة بلسان قومي لم يغمط دور الإدارة الأهلية، لكنه في ذات الوقت حمل منتسبين للإدارة الأهلية مسؤولية الانفلات الأمني، وقالها صراحةً ان المجرم (بقي عندو قبيلة)، وهنا جاءت ردة فعل الحشود مقاطعة بهتاف قوي: (كلامك صاح)، لذلك لم يتوان في توجيه الجهات المختصة بالقبض على أي رجل إدارة أهلية مهما كانت صفته الأهلية والاجتماعية، إذا تأكد أنه ــ أي رجل الإدارة الأهلية ــ يقوم (بدس مجرم أياً كانت جريمته التي ارتكبها). ولم يكن أمام الفريق كباشي غير الطرق على الحديد وهو ساخن ويمضي في ذات الاتجاه، ليحمل بعضاً من مسؤولية الانفلات الأمني إلى القوات النظامية، وفي هذا الجانب جاء الحل سريعاً بتشكيل قوة مشتركة لبسط هيبة الدولة. فهل تفي الإدارة الأهلية وتعمل على مساعدة الأجهزة الأمنية كثيراً، وصولاً إلى ولاية خالية من أية تفلتات مما يجعل المواطن مطمئناً للإجراءات التي تم اتخاذها وتصديقاً لما جاء في حديث كباشي بأنها هنا مسنودة بقوانين الطوارئ.
عموماً زيارة كباشي لجنوب كردفان كانت في بدايتها وجاءت في الوقت المناسب، ونأمل أن تجني الولاية ثمارها بإزالة أشواك (الضريسة) وكل ما من شأنه أن يعكر صفوها ويعطل مسيرتها ويهتك نسيجها الاجتماعي.
صحيفة الانتباهة