مقالات متنوعة

الواثق كمير يكتب يكتب: الفريق عبد الرحمن سعيد” من رموز الجيش السوداني”!


علِمتُ من الأسافيرِ، كما جرت العادة، بخبرِ وفاةِ الفريق عبد الرحمن سعيد، نائب رئيس هيئة أركان القوات المسلحة السودانية- عمليات قبل إنقلاب يونيو 1989.

لا حول ولا قوة إلا بالله وإنا لله وانا اليه راجعون

يا سلام على عبد الرحمن سعيد!

كان عبد الرحمن وطنياً مُخلِصاً لوطنه وشجاعا وصاحبُ موقفٍ، ولكنه متفهماً ومنفتحاً على الكل.

هينٌ تستخفه بسمةُ الطفلِ….قويٌّ يصارعُ الاجيالاّ

الفريق عبد الرحمن سعيد ورفيقه فتحي أحمد علي كانا رمزين للقوات المسلحة السودانية، مهما اختلف الرأي السياسي حول المؤسسة العسكرية.

جمعني بعبد الرحمن سعيد موقفنا المشترك من قضية الوطن ومعضلة التغيير حتى قبل أن التقيه كِفاحاً في القاهرة في مطلعِ التسعينات من القرنِ ،الماضي. فمصر كانت هي ملاذ كل أطياف المعارضة السياسية والمجتمعية إثر انقلاب الجبهة الإسلامية القومية في 30 يونيو 1989.

اتخذ عبد الرحمن سعيد موقفا جريئا، مع رفاقه من الضباط، بتأسيس القيادة العسكرية الشرعية ومشاركتها في تحالف المعارضة السودانية حينذاك التجمع الوطني الديمقراطي، والتي كانت الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان أحد أطرافها الرئيسة. لا يطعنُ في وطنيته، ولا يقدح هذا الانشغال بالفعل السياسي في ولاءِ عبد الرحمن سعيد، ورفاقه، للجيش السوداني. فالانقلابات العسكرية داخل القوات المسلحة بدوافع سياسية لم ينقطع أثرها منذ استقلال البلاد في العام 1956، بما ينطبق تماما مع واقعنا اليوم. لن تتوقف الانقلابات إلاّ إذا حسمّ السودانيون أمرهم وتواضعوا على دستور دائم للبلاد!

لم تجمعني مع عبد الرحمن السياسية فقط، بل أيضاً جمعتني به الألفة والعشرة الجميلة. تعرفنا على، وتقربنا من بعض، أكثر في اللقاءات الاجتماعية مع الصحاب والأصدقاء من القيادات السياسية واصحاب الرأي بمختلف توجهاتهم الفكرية وانتماءاتهم التنظيمية. لا، ولن انسى تجمعاً فخيماً كان بمناسبة حفل زفاف صديقي محمد الأمين التوم ونوال جحا، أبريل 1999، كان من ضمن حضوره مع عبد الرحمن سعيد، أيضاً من غادر دنيانا: التجاني الطيب وعلي التوم ومنصور خالد وطه إبراهيم (جربوع).

رحم الله عبد الرحمن سعيد وتقبله قبولاً حسناً وأسكنه فسيح جناته، وألهمنا جميعنا الصبر والسلوان.

البركة في رفيقة دربه خالدة أبو شمة، وأبنائه:حاتم وعمر وطارق وعبد الحليم، والتوأم أيمن وأشرف. والبركة في أسرته الممتده وجميع الأهل، وفي زملائه بالقوات المسلحة السودانية، وفي المجتمع السياسي العريض، وفي كل السودانيين.

لم التق بعبد الرحمن سعيد منذ مغادرتي للسودان في مارس 2012، ومع ذلك فسيرته كانت دوما على اللسان كلما التقيت بالصحاب القدامى في مصر وكندا، أو عبر المحادثات الهاتفية مع الأصدقاء المُشتركين ! وللمفارقة، كتب لي صديقي العتيق السفير محمد آدم عثمان، وهو عديل عبد الرحمن،:

ذكرك بكلمات طيبة من القلب في أخر لقاء بيننا في منزله ونحن نتحدث عن كتابك الأخير وتمنى لو أن تسعفه صحته بقراءته قبل أن تتدهور حالته ويُنقل إلى القاهرة حيث قضى نحبه.

الدوام لله والبقاء له وحده

صحيفة اليوم التالي