محمد عبد القادر يكتب: الدكتور محمد ميرغني.. (شفتك وابتهجت)!!
(1)
(جرثومة الحنين) إلى صوت الأستاذ محمد ميرغني ظلت تسكنني وتطاردني، أعبّئ منه الأوردة (عاطفة وحنان)، أغنياته استوطنت المسام، حيث ظللت (أنا والأشواق) منذ أن صادفني صوته ممتلئاَ بالوعي والحلاوة والطلاوة والتطريب.. وكلما تدفق إرهافاً وسال شهداً من حنجرة (ابنعوف) حملته وداً وحباً وإخلاصاً لـ(حالة إدمان) ظلت تتملكني إنصاتا وتأسرني استماعا عندما اهفو إلى نغم يحملني لبراحات الامتاع، يغادر بي واقع الأحزان ويقلني على جناح الأفراح.
(2)
ظل محمد ميرغني هالة ضوء تتسع بهرتها كلما جن ليل الذكريات وحملنا أسى الواقع إلى بوابات البحث عن راحة النفس وبهاء الأمنيات، جمّل حياتنا بأروع الأغنيات ومنحنا القدرة على الاستمتاع في زمن تسيدته الرتابة وسكنه الملل وأوجعه التكرار.
(3)
نحن من جيل أوسعته مفردات محمد ميرغني شجناً وهو يسكب على أسماعنا رحيق الألحان الخالدة، غنى لصاحب (البحر القديم) مصطفى سند في نسخته الدارجة: (زمان غنينا لي عينيك غناوي تحنن القاسين هدينالك معزتنا ومشينا وراك سنين وسنين.. بنينالك قصور بالشوق فرشنا دروبا بالياسمين وقلنا عساك تزوريها ترشي البهجة في ساحتا وبي عينيك تضويها حلاتك وانت ماشة براك شايلة الدنيا بي أشواقا وبالفيها).
(4)
الغناء عند محمد ميرغني وثيقة تأمين ضد شيخوخة الكلمات وهبوط المفردة و(الألحان المسيخة)، حملت صوته زاداً من الذكريات، وهرباً من رمضاء الأسى التي لا ترحم، أحببناه وألفناه ونصّبناه سيداً للنغم وناطقاً باسم مشاعر تربت في كتفه وذائقة طوّعها لحنه حتى باتت (تستمسخ) ما عداه، وأذن هوت كل ما دلقه على المسامع من (حلو الكلام).
صحيفة الصيحة