مقالات متنوعة

عبد الله مسار يكتب : موقف الجيش من الاتّفاق الإطاري


الاتّفاق الإطاري هو اتّفاق خلطة من الإعلان السياسي المدسوس، والاتفاق الأولي من الاتفاق النهائي وهو جزء من مشروع لم يستطع الموقعون عليه تمريره
ليكون اتفاقاً نهائياً، يعني اتفاق أولي عربون للاتفاق النهائي.
والذي وقع عليه بعض من أحزاب الحرية والتغيير المركزي وواجهات مهنية تتبع لبعض أحزابها ليقال إنّ عدداً كبيراً وقع عليه لتفخيمه كطرف أول، والطرف الثاني هم الفريق أول البرهان والفريق أول محمد حمدان دقلو، وبضغط شديد عليهما من فولكر رئيس البعثة الأممية مع دور قليل من الاتحاد الأفريقي والإيقاد، وكذلك بضغط شديد من أمريكا وبريطانيا، مع دورٍ أقل من السعودية والإمارات، يعني هو وغيره من الوثائق الأخرى (صناعة غربية)، حتى الذين وقّعوا عليه دورهم ثانوي مع إبعاد أطراف كثيرة محلية وخارجية، وبعد التوقيع شعرت الجهات الخارجية التي تدعم الاتفاق الإطاري أن لا سند له داخلياً بكل المبررات التي صاغها الموقعون عليه، وأنه مشروع خارجي نيوليبرالي لا ينسجم مع قيم وأخلاق وعادات وتقاليد الشعب السوداني، وهو مشروع قيام حكم حصري على القلة التي وقعت عليه وجاء السودان محمولاً من دول الاستكبار، وولد ميتاً، ورغم ما بذله فولكر فيه لم يستطع أن يسوقه للشعب السوداني، ولا حتى الورش التي أُقيمت لم يحضرها أصحاب المصلحة، وحتى توصياتها التي نُوقشت لم تكن هي التي تصدر، ومعروف ما دار فيها.
إذن، مشروع الإطاري لم يستطع فولكر تسويقه بكل المشهيات والمغريات لا للحركات المسلحة الموقعة في جوبا، ولا للحركات التي وقعت قديماً في عهد الإنقاذ، ولا للأحزاب السياسية التي عارضت الإنقاذ حتى سقوطها كالشيوعي والبعث السنهوري ووداعة وغيرهم، بل أبعدت عنه إشرافاً مصر وجنوب السودان وقطر والكويت وتشاد، وهي دول لها دورٌ في اتفاقيات السلام قديماً وحديثاً، مثل قطر التي ساهمت مساهمة كبيرة في سلام دارفور، ودفعت مبالغ كثيرة في استقرار دارفور، بعكس بريطانيا وأمريكا التي دفعت فقط بعقوبات ضد السودان، حتى بعد الثورة أخذت ٣٣٥ مليون دولار تعويضات لضحايا البارجة كول، لحادث لم يرتكبه السودان وبرأته المحاكم الأمريكية!
إذن، هذا المشروع الاستعماري لم يجد أرضية سودانية ليقوم عليها، والذي تعرض فيه المكون العسكري، البرهان وحميدتي لضغوط شديدة ليمرر، بل ظلت العقوبات مفروضة على السودان للقبول به، وخاصةً الضغط الاقتصادي.
ورغم كل هذا الضغط المادي والمعنوي على الجيش والشعب، لم يجد القبول وكثر رفضه وكل يوم يزيد الرفض له!
أولاً لأنه مشروع خارجي.
ثانياً لأن الدول القائمة عليها لا فضل لها على السودان، وإن كان لها فضل لأفراد عملوا معها لإسقاط النظام السابق.
ثالثاً حتى بعد سقوط النظام لم يقدموا للشعب السوداني شيئاً، طيلة السنوات الأربع السابقة، لا شفنا دقيق ولا بنزين ولا آليات تعمل في تطوير حقول البترول ولا في الذهب ولا في الزراعة ولا في الثروة الحيوانية ولا مساعدات في تنفيذ اتفاقيات السلام، ولكن فقط عقوبات وضغوط على الشعب في معاشه!
إذن، ما هي مصلحة الشعب السوداني في علاقات قهر وضغط على السودان من أمريكا وبريطانيا وغيرهما من العالم الغربي؟!
لذلك، كل هذه العوامل جعلت الاتفاق الإطاري، السودانيين ساسة ومنظمات مجتمعية وجيشاً وشعباً ترفض الإطاري، والقائمة تطول بما في ذلك أصدقاء السودان الذين وقفوا معه عند المحن، وأعتقد أنّ السعودية والإمارات موقفهما متغير وإن لم يفصحا به علناً، لأن مشروع الاتفاق الإطاري مشروع لحكم خارجي لن يستفيد منه الشعب السوداني، خاصةً وأنّ الصراع بين الغرب الأوروبي وأمريكا والشرق بقيادة الصين وروسيا محتدمٌ، والسودان في وضع يمكنه أن يلعب دوراً مُهماً في هذه المعادلة، خاصةً وأنّ أفريقيا والعالم العربي في طريقهما إلى التحرر من استعمار وسيطرة العالم الغربي، لذلك مشروع حكم السودان عبر الاستعمار الغربي فاشلٌ.
لذلك، الشعب والجيش في خندق واحد ضد هذا المشروع.. وسنرى ذلك في مقالنا القادم.
تحياتي،،،

صحيفة الصيحة