أشرف عبدالعزيز يكتب: لن ينفذه توت قلواك!!
فشل انقلاب 25 إكتوبر لا يحتاج لسبر أغوار لاكتشافه فقد كان واضحاً للعلن منذ انفضاض اعتصام الموز طواعية أن الدولة لا يديرها رأس واحد فالبرهان لعب دوراً أساسياً وحميدتي أيضاً كان صاحب القدح المعلى في الحشد والصرف على التعبئة على الانقلاب ، ومنذ اليوم الأول بدأ حميدتي يساوره القلق لإكتشافه أن عناصر من النظام البائد هي أيضاً من ضمن المدبرين وتطمح في تمديد نفوذها بالسيطرة الكاملة على النظام والرجل يدرك تماماً أن أي إتجاه يعزز هذا الصدد يعني أنه راح في (الباي باي).
بالفعل كانت المحصلة النهائية للإنقلاب أن (الريسين) غرقوا المركب فالبرهان سار في إتجاه التطبيع في مظنة منه أنه مظلة الحماية ومفتاح العلاقات مع المجتمع الدولي أما حميدتي فإتجه نحو الروس ولم يكتف بالشراكة مع (فاغنر) كما يتسامع الناس بل مضى إلى أكثر من ذلك عندما زار روسيا وصافرة الحرب الروسية الأوكرانية كانت قد أنطلقت، وهذا ما أثار حفيظة الولايات المتحدة التي كانت في الأصل متحفظة على التحركات الروسية ومحاولات موسكو مد نفوذها على البحر الأحمر بموجب إتفاق سابق بينها وحكومة المخلوع البشير.
محاولات روسيا لتجديد الإتفاق القديم لا تزعج الولايات المتحدة فحسب وإنما أيضاً المملكة العربية السعودية التي تعتبر البحر الأحمر هو ركيزة أساسية في تأمينها من الناحية الغربية وفي بالها العلاقات السابقة بين الخرطوم وطهران ورسو فرطاقتين إيرانيتين ببورتسودان في وقت سابق قبل أن يتعكر صفو العلاقات بين البلدين (السودان – إيران) ، كذلك الولايات المتحدة تنظر إلى القاعدة الصينية في جيبوتي واتجاه بكين نحو أديس أبابا فضلاً عن الموقف الإريتري وبالتالي السودان يمثل محوراً إسراتيجياً بالنسبة لها وهي تدرك جدية بوتين في نزاعاته التوسعية والتي يؤصل لها الإسكندر دومين.
على الصعيد الأمني أيضاً التوغل الروسي في أفريقيا الوسطى وإستفادته من (الفاغنر السوداني) لتحقيق أجندة موسكو بالاستيلاء على الحكم في بانقي جعل فرنسا والاتحاد الأوروبي يتحركات في محاولة للتصدي لتمدد النفوذ الروسي ، كل هذه التحركات المحمومة تزامنت مع تظاهرات قادتها المقاومة في الخرطوم والولايات بلا هوادة محتسبة أكثر من 126 شهيداً ، كما رفضت كل الدول التي وعدت السودان بالدعم الاقتصادي بإستئنافه مالم يعود إلى رحاب الدولة المدنية وساءت الأوضاع الإقتصادية والمعيشية جراء ذلك ، وبعد زيارات للمبعوثين الأوروبيين والأمريكان أعلن الجيش استعداده للعودة للثكنات والنأي بنفسه عن العمل السياسي.
قوى الحرية والتغيير رغم كثير من التحفظات على مسعاها للحل السياسي إلتقطت القفاز هذه المرة ودخلت التفاوض وهي تحمل جنداً واحداً (إنهاء الإنقلاب) ودخلت التفاوض وهي مدعومة من قبل الوساطة الرباعية ومن المجتمع الإقليمي والدولي وهذا ما جعل الاتفاق الإطاري يصمد أمام كل الرياح العاتية التي حاولت إقتلاعه ومهما فرح (الفلول) وصفقوا كثيراً لتصريحات (المزايدة) التي يطلقها البرهان وكباشي فهي قد تعطي الآن إشارات إلى الكتلة الديمقراطية بالتعنت ولكنها إلى زول فسيوقع على الإطاري فقط الأطراف المحددة والتي يحق لها التوقيع ..ويبقى السؤال إذا كانت ورشة التقييم في جوبا إستحدثت مصفوفة جديدة من الذي سينفذها؟ .. بالتأكيد ليس توت قلواك وإنما رئيس الوزراء المدني القادم وعلى رهط جوبا أن يعود فتبادل البسمات وحده لا يعني تنفيذ السلام وقيادات الحركات المسلحة وحدها لا تعني الإستئثار بالمناصب السيادية والتجربة أثبتت ذلك.
صحيفة الجريدة