محمد أحمد الكباشي يكتب: النيل الأزرق..لا زال الجرح نازفاً
الأحداث التي شهدها إقليم النيل الأزرق منذ منتصف العام الماضي ولا زالت آثارها باقية لا شك أنها أفضت إلى واقع مأساوي وكارثة إنسانية حيث يواجه آلاف النازحين معاناةً حقيقيةً بعد أن فقدوا المأوي والممتلكات بل أرواح أزهقت وألقت بهم تلك الأوضاع على مصير مجهول بعضهم لا زال يفترش الأرض ويلتحف السماء وآخرون ترهقهم رحلة البحث عن أدوية منقذة للحياة ولا أحد يحس بآلامهم أطفال في عمر التمدرس يذهبون للأسواق بحثاً عن عمل يتحصلون على لقمة عيش تسد رمقهم وقد فاتهم قطار التعليم ومثلهم كل ذلك وغيره يحدث في مقابل تجاهل من المركز وتغاضي من حكومة الإقليم في التعاطي مع الأزمة بصورة واضحة.
وخلاف ما يتعامل به مجلس السيادة إزاء أحداث تشهدها إحدى مناطق دارفور وتقود إلى قتل وحرق وتشريد تماماً كما هو بالنيل الأزرق هنا وسرعان ما يخف أعضاء وليس عضواً من السيادي للتوجيه إلى هناك يمكثون الأيام والأسابيع ولا يعودون إلى الخرطوم إلا عقب معالجة الأزمة عبر تشكيل لجان تحقيق والشروع في مقاضاة من تسببوا في الصراع بل ضمان تعويض من تضرروا ، مقابل تغاضي لقضية النيل الأزرق التي راح ضحيتها الآلاف من القتلى وأضعافهم من الجرحى، الأمر الذي يدعو للتساؤل لماذا يتعامل المركز بإزدواجية المعايير حيال هذه الأزمات وهل ينظر المركز إلى الأكثر صراخاً لإسكاته.
ذاك هو الواقع الماثل في تعاطي حكومة المركز مع قضية إقليم النيل الأزرق الأخيرة، الأمر الذي يحتم ويستدعي ضرورة تغيير تلك النظرة الضيقة في التعامل مع قضايا كافة الأقاليم بذات القدر في التعامل مع قضايا إقليم دارفور، بدءاً من ضرورة تفعيل أسس ومبادئ التعايش السلمي في كل السودان ، لذلك لا بد أن يجد إقليم النيل الأزرق المتابعة والعمل الدؤوب كونه في أمس الحاجة لإنزال الأسس والمبادئ للتعايش السلمي على الأرض، مع تفعيل دور منظمات المجتمع المدني والتأكيد على دور الإدارة الأهلية ليس علي مستوى النيل الأزرق فقط بل على كافة ولايات البلاد والدعوة لقيام مؤتمر جامع من شأنه أن يفضي إلى مخرجات تطوي أسباب الصراع وتعيد المياه إلى مجاريها من خلال وثيقة صلح ملزمة لكافة الأطراف المتصارعة مع حفظ الحقوق والعمل على جبر الضرر لاؤلئك الذين فقدوا ممتلكاتهم.
من خلال ماسبق فأن الأمر يحتم على كافة المسؤولين فى الدولة وإقليم النيل الأزرق ومنظمات المجتمع المدني، الشروع الفوري وبجدية صارمة لجهة تعديل الصورة المقلوبة للتعايش السلمي في النيل الأزرق، والعمل على جمع كافة المكونات الإثنية المتقاتلة في الإقليم وإقناعهم بالضرورة القصوى للتعايش ورتق النسيج الإجتماعي.
الامتناع عن أي شكل من أشكال إنتهاك الحقوق ، ومن ثم العودة إلى جادة الطريق السوي على أساس المساواة الكاملة والمنفعة المتبادلة بغرض تلبية إحتياجات إنسان ومواطني الإقليم كافة بأفضل طريقة ممكنة.
نقول أن الأوضاع الإنسانية بمعسكرات النازحين سواءً كانت بولاية سنار أو بمدن الدمازين تبدو كارثية وتحتاج إلى تدخل عاجل لتوفير أدنى متطلبات الحياة إلى هؤلاء النازحين ومن ثم العمل التبشير بالعودة الطوعية
صحيفة الانتباهة