مقالات متنوعة

مآثر حزاينية على فقيد الوطن السفير ماجد يوسف يحى ،،


أية آهة حزن غرستها فينا برحيلك المفاجئ يا ماجد .. وأية دمعة حزن تركتها تنحدر من مآقينا .. فقد كان رحيلك بفاجعته عن دنيانا يكذب عقولنا التى لم تصدق لكنها أمام إرادة الله لا بد أن نصدق ونخضع لامره سبحانه وتعالى فلا بقاء إلا لوجهه الكريم .

*صديقى الذى رحل*
لا لموت فجأة إدخرناك .. ولكن لحياة تمهل رغم عواصف أيام عمرك وقد تخطفتها براثن الإغتراب .. فالمحبة لا نعرف عمقها إلا لحظة الفراق حينما تتجسد تلك اللحظة لتحكى معاناة القلوب التى تمتلئ ألما وحزنا وإيمانا وصبرا .. حينما يسرقنا الحزن على مسارات الحياة فنتوقف لحظات عن التفكير فى الغد وعن كتابة سطر جديد فى دفتر المستقبل الغامض .

تسرقنا فجيعتنا فى فقد من نحبهم عندما يسترد الله جل وعلا ودائعه ويختارهم إلى جواره فتجول الدمعة الساخنة فى الاحداق لحظة الفراق .. آه ثم آه يا لوعة القلب المدجج بالحزن وخيبة الرجاء فى لقاء لم يتم بيننا فى أرض الحرمين الشريفيين ارض الحجاز ومهبط الوحى .. فمعذره أخى ماجد إن جئت فى آخر الموكب الحزاينى لاقول كلمتى المكلومة والمسكونة بكل حزن العالم لتصبغ الأفق باللون الأسود لون الوجع والألم والفاجعة والفقد والوداع بلا عودة .. لقد كنت حبيس الدهشة مكبل المشاعر المصابة بالخرس من هول الفاجعة وصدمة الحدث وهكذا فجأة قيل لنا رحل السفير والاديب ماجد يوسف الرحيل الأخير .. وقد لا يكون رحيلكَ مسغربا على الموت الذى يختار أجود الجواهر وينتقى اعلاها على حد قول الشاعر ( الموت نقاد على كفة جواهر يختار منها الجياد .).

لقد كانت حياتك بيننا وبين كل من عرفوك وعاشروك بأكملها من غوالى الجواهر النادرة التى لا شبيه لها .. لم يبك لرحيلك ابناء جلدتك فقط .. فقد بكاك كل من تعرف عليك لأنك لم تكن مجرد إنسان عادى .. بل كنت كالنهر النقى التى تمتد شرايينه إلى خارج مسقط رأسك .. لقد كنت كالقمر المضئ لكل بيت فى الغربة حينما كنت وزيرا مفوضا بالقنصلية السودانية العامة بجدة .. كنت مثالا للخلق الرفيع والروح العالية والنفس الكريمة التى يلقاها الإنسان فى أحلك الظروف .

ثم ماذا اقول بعد ذلك وقد إنطفأت مصابيح حياتك .. إننى أبكيك من القلب إلى يوم رحيلى .. فقد لا نبكى فى أشد لحظات الألم والحزن .. لكن اليوم ابكيك يا ماجد والتفكير مهما بلغ التعبير لن يستطيع أن يسطر فى سجاياك ومزاياك وخلقك الرفيع مايوفيك حقك كاملا .. فقد تشتت الكلمات وشلت قدرتنا على أن نعبر عما يجيش فى قلوبنا .

فعزاؤنا وعزاء الجميع إنك إنتقلت إلى رحاب الخالق الذى ندعوه ودعوناه لك بالمغفرة وشآبيب الرحمة وما ذلك على الله بعزيز ورحمته وسعت كل شئ .

عزائى لا سرته المكلومة فى زمن يعز فيه العزاء .. ها أنت ياماجد تلحق بركب الذاهبين من رجال فى رحيلهم المبكر واحد بعد الآخر .. وإسمك يا ماجد سيظل فى ذاكرة التاريخ .. وداعا ماجد اودع سيفك السحاب وسجى جسدك المنهك على ثرى الوطن .. عليك سلام… عليك سلام الله .. والعزاء موصول لكل اسرة وزارة الخارجية ولا سرته الكريمة إنا لله وإنا إليه راجعون ولاحول ولاقوة إلا بالله .. وكفى..

تاج السر محمد حامد
صحيفة الانتباهة