أحمد المصطفى يكتب: الأستاذ محمد أحمد البلال
من حين لآخر نقرأ في الصحف أو الأسافير قصة وفاء لمعلم من أحد تلاميذه، ويندر أن نقرأ قصة وفاء تلميذة، وذلك ليس لقلة الوفاء عند بنات حواء، ولكن ظروفهن ليست كظروف الرجال.
غير أن ذلك حدث بالجملة في يوم 3/3/2023 م في قرية اللعوتة، تحت عنوان الوفاء لأهل العطاء. قبل ذلك التاريخ بأيام اجتمع عدد من خريجات رفاعة الثانوية بنات، قبل عقود مضت، وفي الذكريات لتلك الأيام أيام المدرسة الثانوية طافوا بأسماء المعلمين، ولا يعلق بذاكرة الطلاب إلا نوعان من المعلمين؛ المعلم المفيد الذي يعطي ولا يستبق شيئاً، ويمكن أن نقول المعلم المربي الذي كل الطلاب عنده هم أبناؤه وهم أمانة في عنقه، ولا ينسون المعلم الذي لا يعطي ولا ينتظر من المهنة، إلا راتبها الهزيل. وجاء في مقدمة الصنف الأول ذكر الأستاذ محمد أحمد البلال أين هو؟ وكيف هو؟ أجاب من يعرف: هو بخير غير أن مرض السكري أفقده واحدة من رجليه. هنا قررن أن يصلنه ويكرمنه في بيته، وحددن التاريخ أعلاه.
على غير عادة حواء في نكرانهن لتاريخ الميلاد، الأستاذ محمد أحمد البلال، كان في مدرسة رفاعة في الثمانينيات، يعني هذه أربع عقود من الزمن، وما زلن يكنن له هذا الحب (ليس بمعناها الشبابي) والتقدير وحفظ الجميل. خريجات رفاعة من داخل وخارج القرية تجمعن لتكريمه، ومثلت بعض خريجات مدرسة اللعوتة وهي الصرح الذي بذل فيه الأستاذ البلال ما لا يوصف، حتى صارت مدرسة اللعوتة الثانوية بنات التي ولدت على يديه، وصارت مدرسة متميزه يعرفها كل من له شأن في التعليم بولاية الجزيرة، وخرجّت مئات المتفوقات، ومنها جاءت ثالثة السودان يوماً، وتكرر ذكر طالباتها كثيراً في المائة الأوائل. سألني مرة أحد الأصدقاء من القرى المجاورة: اللعوتة فيها خمسة أطباء؟ قلت له: تقصد في البيت الواحد؟ فاللعوتة الآن بها مئات الأطباء والمهندسين والمعلمين، وعلى ذكر المعلمين عندما تحدث بروفسير عبد اللطيف البوني معدداً كسب الأستاذ البلال قال إن اللعوتة الآن هي رفاعة هذا العصر لكثرة ما توزع من المعلمين على القرى المجاورة.
في ذلك اليوم قدمن خريجات رفاعة واللعوتة أنفسهن وكلهن في مواقع مرموقة، وكانت الأستاذة فاطمة عبد المجيد أستاذتهن حاضرة، بجانب الأستاذ المحتفى به. تحدث عن أفضال الأستاذ البلال بعض العلماء في إفادات للتلفزيون الذي كان حاضراً، وكيف يسمى التلفزيون القومي إن لم يوثق لهذا اليوم، لا أدري متى سيذاع الحفل على التلفزيون؟ بروف البوني، بروف حاتم العلوي مدير جامعة بحري، بروف أحمد مختار والذين لم يسجلوا من وجهاء القرية وعلماؤها كثر، د. عبد الفتاح الكباشي، الأستاذ عيسى علي، خليفة البلال في قيادة مدرسة اللعوتة، وجمع من الأساتذة يصعب ذكرهم جميعاً.
يوم تكريم البلال كما قال هو والدموع تنهمر من عينيه: زاد عمري وهو من أسعد الأيام في حياتي.
الاسم الرسمي للأستاذ المكرم هو محمد أحمد محمد محمد أحمد، والبلال اسم أمه لتخرج من هذه المعمعة، ولهذا الاسم مواقف كثيرة طريفة وموقف واحد حزين. شكراً لخريجات رفاعة في ثمانينيات القرن الماضي، وشكراً لكل من شارك في هذا الوفاء.
صحيفة السوداني
إنضم لقناة النيلين على واتساب
ركوب الخيل لا يناسب الجميع؟ أيهما أصعب تربية الأولاد أم البنات؟ جسر الأسنان
هل تعقيم اليدين مفيد؟ الكركم والالتهابات أفضل زيوت ترطيب البشرة