محمد عبد الماجد

محمد عبد الماجد يكتب: الذين أفسدوا حياتنا القادمة

(1)
• الماضي يمكن المسامحة على الاخطاء التى وقعت فيه .. ما مضى لن يعود. ثلاثون سنة من حكم الانقاذ شهد فيها السودان كل الفساد ، حيث افرغت ثروات البلاد في (الجيوب) وأفسدت الخدمة المدنية وتحطمت كل الصروح والمشاريع القومية وتمت خصخصتها وبيعها منهم واليهم.
• وكله كان يتم تحت (كل شيء لله) وهم ركعتا الرقيبة عندهم فيها (نثرية)!!
• ثلاثون سنة من حكم الانقاذ عاش السودان في عزلة قاتلة ، كانت علاقات السودان الخارجية علاقات تبنى على مصلحة آنية وشخصية دون النظر الى المستقبل والأجيال القادمة.
• التطبيع مع اسرائيل تاجروا فيه… وليس غريباً ذلك على من تاجر في الدين.
• سدت النوافذ على ابناء هذا الوطن وأصبحوا غير مرغوب فيهم حتى في دول كان السوداني فيها يتمتع بخصائص ومكانة لا يجدها ابناء الوطن.
• بل ان السوداني اصبح غير مرغوب فيه حتى في وطنه السودان.
• ثلاثون سنة اتهم فيها السودان بالإرهاب وايواء ورعاية وقبلت فيه الحكومة السودانية بكل المتناقضات ما بين ايواء اسامة بن لادن وكارلوس في نفس الوقت وبنفس الشعارات وكل شيء بثمنه. نقترب من روسيا (كيداً) في امريكا ونفعل العكس اذا اردنا المزيد من روسيا.
• فعلنا ذلك مع السعودية ومصر والإمارات من اجل اجبار قطر على المزيد من الدعم، وإلّا فتحنا نافذة علاقات مع السعودية والإمارات.
• العلاقات الخارجية كانت (ابتزاز) دبلوماسي بما تعني الكلمة.
• كل هذه الاشياء كانت تحدث بدون دراسات واستراتيجيات وبحوث .. هي امور تحدث من اجل مصالح شخصية وعمولة كان رئيس الجمهورية يحرص على نصيبه منها.
(2)
• ثلاثون سنة انهار فيها كل شيء فتحت حدود السودان لتهريب خيرات البلاد من سمسم وقطن وصمغ وذهب في الوقت الذي كانت تدخل فيه الاسلحة والمخدرات والأغذية المنتهية الصلاحية.
• ثلاثون سنة فصلنا فيها الجنوب وسلمنا (حلايب) تسليم اهالي للمصريين مقابل سكوتهم على محاولة اغتيال مبارك في اديس ابابا.
• ثلاثون سنة عيروا الشعب السوداني فيها بالقميص الواحد وبمعرفة الهوت دوغ والبيرجر.
• حتى (السكر) عرفناه بفضلهم ، ربما يكونوا في ذلك صدقوا لأن (السكر) من (المحلات) اصبح في (البول) و(الدم).
• ثلاثون سنة كانت المحسوبية (السياسية) حاضرة في الجامعات وفي التوظيف وفي الاعلام.
• ليتهم اكتفوا بذلك فقد ادخلوا محسوبيتهم السياسية حتى في (القبيلة).
• ثلاثون سنة اعدموا فيها (28) ضابطاً في شهر رمضان وارتكبوا فيها مجزرة طلاب العيلفون وأبادوا فيها الالاف من ابناء دارفور حفظة القرآن وخريجي الخلاوي.
• ثلاثون سنة قتل فيها الزبير محمد صالح عبر حادثة طائرة وقتل ابراهيم شمس الدين بنفس الطريقة التى قتل بها من بعد الدكتور جون قرنق؟
• ثلاثون سنة قتل فيها الدكتور مجذوب الخليفة في حادث حركة وقتل الفنان خوجلي عثمان على يد مخبول وغرق (22) طالباً في مرحلة الاساس في نهر النيل.
• وبقت كل هذه القضايا معلقة ، كلها قيدت ضد (مجهول) رغم ان هذا المجهول يتحرك بيننا ويأكل ويشرب ويتحدث في الدين ويرفع شعار (ما لدنيا قد عملنا).
(3)
• ثلاثون سنة كانوا يحتفون فيها بكوبري ود البشير الطائر ونفق مول عفراء وعرس الشهيد وطرد شهر رمضان مثلما احتفلوا بعودة البشير سالماً من الصين وتسليم كارلوس وطرد اسامة بن لادن وانفصال الجنوب وخروج ثلث مساحة الوطن من مساحة السودان.
• ثلاثون سنة احتفلوا فيها بخروج (البترول) من اراضي السودان ودخوله لجيوبهم وخزائنهم ، مثلما يفعلون مع (الذهب) الآن.
• ثلاثون سنة شفنا فيها كل العذاب والضنك والفساد والسوء – وكل ذلك كان يتم تحت غطاء شعارات الاسلام (وفلترق كل الدماء).
(4)
• يمكن المسامحة على كل هذه التجاوزات وعلى ما تم من فساد كان اثره يبقى آنياً او يبقى لحين .. لكن كيف لنا ان نسامح في فساد يمتد فتنة زرعوها وهم في السلطة ليحصدوا نتائجها وهم في المعارضة؟
• كيف نسامح في حق اجيال قادمة لا ذنب لهم في ان يجدوا السودان بكل هذه الامكانيات والثروات مجرد خرابة.
• ماذا نقول للقادمين عن وطن درسوا تاريخه في كرري وتوشكي وشهدوا بعظمته عند عبدالقادر ود حبوبة وعلي عبداللطيف وعبدالفضيل ألماظ؟
• ماذا نقول لهم وهم قد كتب عنهم خليل فرح والدوش وصلاح أحمد ابراهيم ومحجوب شريف وحميد وغنى لوطنهم العظيم العطبراوي ووردي والكابلي؟
• الانقاذ لو اكتفت بفساد الثلاثين سنة التى حكمت فيها السودان لكان هذا الامر يمكن تجاوزه ويمكن التسامح فيه.. لكن الانقاذ عملت من اجل ان تفسد الحاضر وان تجعل المستقبل قاتماً والسودان لا يطاق بعدهم.
(5)
• الانتهازية الموجودة بين الناس الآن هي انتهازية ثلاثين عاماً مضت .. النزاعات القبلية هي نتاج للتسليح الذي تم في العهد البائد وللقبلية التى كانت اساس الحكم في فترة الانقاذ.
• افرغت الانقاذ الجيش وسلحت الشعب!!
• الازمات والصعوبات الموجودة الآن في الحياة السودانية هي ازمات لسياسات سابقة.
• حتى الاخلاقيات والطبائع حدث فيها تشويه وتخريب وتبديل وكل ذلك كان يتم من اجل هدف، ومع سبق الاصرار والترصد.
• لقد قصدوا ان يخرّبوا كل شيء بعد زوال سلطتهم وليس في ذلك عجب فقد كانوا يفعلون ذلك وهم في السلطة كيف يكون حالهم وهم في المعارضة.
• هؤلاء المكتبة الغنائية في الاذاعة السودانية خربوها.. مكتبة الدراما السودانية في تلفزيون السودان عبثوا فيها.
• اذا كان الوطن لا يعنيهم في شيء وهم (رعاة) له، هل يمكن ان يعنيهم الوطن في شيء وهم (رعايا)؟
• اذا اردنا الخلاص والعبور والانتصار علينا ان نسقط الانتهازية واللا وطنية.. قبل اسقاط الانقاذ يجب ان نسقط تعاليمها وارثها ومحسوبيتها وفسادها وانتهازيتها وناسها.
• هذه الاشياء اصبحت جزءاً اصيلاً في الشخصية السودانية عملت الانقاذ من اجل ان تبقى اذا ذهبت هي.
(6)
• بغم
• التغيير الحقيقي حدث في الشعب.. لكن التغيير في السلطة وفي الحكومة والمسؤولين لم يحدث بعد.
• ومن يراهن على الشعب لن يخسر.
• السلطة الحالية والمعارضة ايضاً هي للأسف امتداد لشكليات وأجسام كانت في العهد البائد.
• لا نعفي (المعارضة) من الاثم.. كفى انهم سكتوا على فساد الانقاذ ثلاثين عاماً.
• وكل الطرق تؤدي الى (المدنية).

صحيفة الانتباهة