من مصطلحات الجيش وال(كديت) مصطلح (الإدارة الداخلية).
يتلخص معنى مصطلح ( الإدارة الداخلية) في الجيش في كون الجنود المستجدين يصطفون في ميدان كبير من بعد صلاة العشاء مثلا بواسطة كلمة يطلقها (التعلمجي) وهو غالبا ما يكون رقيب أول يطلق صفارته يشق بها الظلام أن أيها الجنود (اجمعوا) يعني تجمعوا في الميدان، وبعد أن يجتمع المستجدون في الميدان بسرعة البرق يظل الجنود واقفين إلى أن يأذن لهم هذا الرقيب الأول (التعلمجي) بالانصراف. قد يصل وقت الانصراف إلى ما قبل صلاة الفجر
طيلة هذه الفترة يظل الجنود واقفين لا يحركون ساكنا بل ومن (يكسر) رجله فقط(يتكئ برجل على أخرى)، فسوف يعاقب عقابا عسيرا أمام زملائه.
هذه الفترة الطويلة يظل خلالها هذا الرقيب أول (التعلمجي) يوجه خطابه لهؤلاء الجنود حاملا عصاه، فمرة يؤشر (التعلمجي) على المستجدين بعصاته، ومرة يمسكها بيده اليمنى، ومرة يمسكها بيده اليسرى، ومرة يضرب بها على (بوته) كل هذه الحركات يفعلها (التعلمجي) حسب طبيعة الجمل التي يلقيها على المستجدين، فجمل التهديد تختلف حركاتها عن جمل النصائح، وجمل استحقار المستجدين تختلف عن جمل تعظيم رتب الجيش العالية أو جمل تعظيم الجيش ومهمته.
يتخلل كل هذا الكلام للتعلمجي في (الإدارة الداخلي) وسط وجوم وسكون تام ولا صوت يجلجل سوى صوت الفريق أول ( التعلمجي).
كلام في التدريب كلام في الانضباط كلام في أخطاء وغباء المستجدين كلام في تمجيد رتب الجيش من (فريق -لواء – مشير) كلام عن أن هذه الرتب استحالة أن يحصل عليها هؤلاء المستجدين ولا يحلموا بأن يتقلدوا رتبها.
كل هذا السيل من الكلام أثناء (الإدارة الداخلية) من (التعلمجي) ليس الغرض منه توصيل معلومة ولو واحدة لهؤلاء التعلمجية، وإنما الغرض منه والمتعارف عليه في قانون الجيش ونظامه هو إشغال هؤلاء المستجدين لكي ينفذوا (الإدارة الداخلية) والتي تتمثل في الوقوف على أرجلهم حتى الساعات الأولى من الصباح.
كل ما نخشاه يا سعادة الفريق البرهان من الخطابات التي تلقيها علينا خلال هذه المناسبات التي تقوم بها ما هي إلا خطابات (الإدارة الداخلية) التي يقوم بها الجيش في تدريباته للمستجدين والتي لا غرض منها سوى إشغال هؤلاء المستجدين من أجل أن يقفوا أطول فترة ممكنة.
فرجاء يا سعادة الفريق البرهان لا تجعل من هذا الشعب المسكين مثله مثل المستجدون من أجل أن يصمد أمام كل هذه الصعوبات التي تواجه حياته.
تمارس عليه (إدارة داخلية) كالمستجدين من أجل أن يتحمل هذا المواطن حالة اللادولة التي تعيشها البلاد
من أجل أن يتحمل حالة الفوضى التي تعيشها البلاد.
من أجل أن يستوعب حالة السبهللية التي تعيشها البلاد.
الكلام الذي يتحفنا به سعادة الفريق البرهان من أن الجيش هو القوة الوحيدة التي تسيطر على أمر البلاد دون أن نجد واقعا لهذا القول.
قوله أن الجيش لا يطمح إطلاقا في السلطة دون ظهور أي خطوة عملية تخدم هذا الغرض.
الحديث بأن الجيش لا يدعم أي جهة من الجهات السياسية في ظل وجود ممارسات كثيرة تنسف هذا الكلام.
الحديث عن أن البلد ليست مرهونة لأي قوى خارجية تناقضه كثرة السفريات نحو الخارج إزاء عمق التعقيدات الداخلية.
نرجو ألا يكون خطاب الفريق البرهان مجرد خطاب (إدارة داخلية) كما يقول الجيش كل الغرض منه هو جعل هذا الشعب يقف على رجليه أطول فترة ممكنة ليس وقوفا فقط بل وقوفا معتدلا بلا (كسرة) رجل؛ لأن من يكسر رجله سيكون عظة لغيره.
صحيفة الانتباهة