مقالات متنوعة

علي مهدي يكتب: مارس اليوم العالمي للمسرح.. احتفاءً بأهله ونظرة للقادم منه وللحياة والبقعة المباركة


دهاليز

علي مهدي

مارس اليوم العالمي للمسرح.. احتفاءً بأهله ونظرة للقادم منه وللحياة والبقعة المباركة

عشرون دورة من ليالي المهرجان، تركت في التواريخ الإبداعية الوطنية، الأسماء،الأعمال والنتائج المجيدة،وكلها محفوظة

لمرتين في تاريخ الفنون العالمية ينتقل الاحتفال بيوم المسرح العالمي إلى البقعة المباركة وافتتاح مهرجانها الدولي

عدت يا سادتي أمشي ذاك الصباح والتواريخ بعيدة، نعم أربعة عقود، تزيد ولا تنقص إلا قليلًا، أعود إليها كل عام، ونقطة البدايات الحميدة،وقد أوصلتني والبقعة المباركة، المدينة التي نحب، والمهرجان المسرحي من ليالي لها وحدها،إ لى فضاء عالمي وقبلة إقليمية .

جمع بين العروض والحوارات العلمية والنقاشات حولها العروض في برامج المهرجان، فكم عرض قدم،وكم ورقة للتحليل كتبت،وكم باحث وناقد عرف وأشتهر عبرها نهاريات (خيمة البقعة) منذ الدورة الرابعة ولم تنقطع والملتقيات العلمية بالخبراء الوطنيين، ومن أنحاء العالم وبالشراكة المستنيرة مع مؤسسات رسمية وأهلية .

صنع ذلك من مهرجان البقعة الدولي للمسرح تاريخ لفنون المسرح السوداني المعاصر .نعم عشرون دورة اتصلت، وأنها لم تتأخر طيلة تلك السنوات إلا لأسباب،لا دخل لها بها، لا نقص في مشاركة ولا تقصير من الهيئة المديرة، كان هذا اسمها ورسمها،ودخلت فيها البقعة المهرجان والأنشطة والبرامج، الأحباب وصنعوا التجربة بإسهاماتهم المحفوظة في سجلات المسرح الوطني-مسرح البقعة، ولكنها ولاعتبارات تقاطع مصالح ليس لأهل المهرجان طرفًا فيها، فوقفت دورة وتأخرت أخرى عن موعدها، ثم يظل المهرجان هو الوطني والقومي والإقليمي والعالمي، ولنا في كل صفة هنا تفسير، تلمس معانيه من التطور والنتائج، واتساع دوائر المشاركة والمشاركين، يبقى المهرجان بما ترك من نتائج عظيمة، حصرها والإعداد للتوثيق لها، أمر ضروري في تواريخ الفنون الوطنية السودانية. فلذاك الاحتفاء به في يوم المسرح العالمي ضرورة ومهم لأنه أسهم في أن يكون كل ذلك ممكناً، وبين يدي وعندي جهد علمي مبارك لدارسين بحثوا وتوصلوا لنتائج، يوم نشرها يعرف أهل أوساط الفنون الأدائية كيف صنعت البقعة المباركة التواريخ والأسماء والأعمال والأحداث .

وفي السابع والعشرين من مارس بعد يومين من نشر دهليزي هذا المحتفى بها أيام المسرح العالمي، العيد والاستذكار والبقعة المؤسسة والمهرجان والأنشطة والبرامج، ونحن هذه المرة لا نحتفل بافتتاح الدورة الواحد وعشرين للمهرجان في موعدها والذي ظللنا حريصين عليه لسنوات.

هذه المرة وباتفاق مع جميع الأطراف الوطنية والإقليمية، والشركاء من أنحاء ألعالم، وأعود أنظر كيف كان الأمر يكون ممكناً، نمشي مع الأيام حتى الخامس عشر مِن مايو ليوم الافتتاح، ثم نمشي بأيام المهرجان التسعة حتى الثالثة والعشرين منه للاحتفال بالختام، ويوم تعقد الهيئة المديرة للمهرجان مؤتمرها الإعلاني كعادتها، لتعلن تفاصيل البرامج والمشاركات الوطنية والإقليمية والدولية.

أعود لذاك التاريخ المجيد، يوم مشيت شاب، كلي أمل أن أكمل المهام، يومها كان لي فيها الدولة مستقر أعانني على الوصول إليها مدينتي الأحب (باريس)، وقبلها دخلت (فرنسا) من عند المدينة الأجمل (نيس)، ولي فيها من الحكايات الكثير، كان يمكن أن أكون الآن العمدة، أو رئيس البلدية، إشارة وقد كان ممكناً أن أكون (فرنسياً) كامل الانتماء، الدعوة كانت كريمة،واكتملت كل شروط الحياة هناك،بلا انشغال بالمشاق. لكنه العشق القديم للطريق القديم .

(من علايل أبروف للمغالق بالطريق الشاقي الترام)

تمنيت لو كان لي مزمار (كرومة) لأغنيها والبحر أمامي، والمباني الشاهقة يومها تجدِّد لي الدعوة للبقاء، ساكن جديد، لن يزيد المدينة وبحرها ولا الشاطئ عناء، لو لم أكمل مشواري ذاك فيها (باريس) وقد عشقتها بعدها، وأشكر الرحمن الودود، أنني مشيت إلى مبنى وكالة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) أحمل بين يديَّ وفي عقلي الشاب فكر معافى، يومها يفتح بينه والاستنارة الأبواب. قبل الأوقات يأتي شاب من حيث جئت، أعمل يومها في مصلحة الثقافة، مكاتبها الأنيقة على شارع الجامعة، إذا مشيت ثم مشيت أصل وزارة الثقافة والإعلام، حديث التخرج من معهد الموسيقى والمسرح، وظفت أول مرة في الفرقة القومية لمسرح العرائس، حديث التخرج ونقلت لمصلحة الثقافة. أمشي يومي بينها ومكتبة اللجنة الوطنية (لليونسكو) فتحوا لي أبواب المكتبة،اطلع على منشورات (اليونسكو)، والكتب تستهويني وفيها مفاتيح السعادة والنجاح . ونحن قبل الصيف بقليل، وعثرت على الإشارات الأولية

المجلس الدولي للموسيقى IMC

ثم مرة أخرى وبتركيز أكثر

المعهد الدولي للمسرح ITI

وانفتحت أبواب الأنوار، أنظر لتواريخ التأسيس والمشاركات والعالم تقريبًا، كل العالم كان هناك، ثم أنظر كيف التأسيس والإعلان عنه، يوم اجتمع في مدينة (براغ) يوم كانت الدولة واحدة (شيكوسلوفاكيا)، نعم والمعسكر الشرقي يحيط بالزمان والمكان، (وبرلين) بينها حائط،والفكر كله شرق وغرب،وبدعوة منها (اليونسكو) وفي صيف عام 1948 التقى عدد من صناع المسرح، وقرروا إعلان وتأسيس أول وأكبر منظمة للفنون الأدائية فولدت من اتفاق بين واحدة من أهم وكالات الأمم المتحدة والمبدعين من صناع المسرح .

وأين كان السودان منها تلك أيام التأسيس لكن ذاك الصباح في مكتبه بالخرطوم وقع الشاعر الراحل الدكتور محمد عبد الحي وسنتر في الخاطر مشيت باسمها إلى فضاءات العالم أقدم فرحتي (بوتقة سنار) وشعره المجيد حاضر بين ثناياها وقع على الرسالة وكان يومها مديرًا لمصلحة الثقافة تطلب انضمام السودان ودخلت مبنى اليونسكو أحمل رسالة أخرى بتوقيع الكاتب المسرحي الدكتور خال المبارك وكان يومها عميداً للمعهد العالي للموسيقى والمسرح تعزز طلب السودان للانضمام لأكبر منظمات الفنون العالمية لفنون المسرح والموسيقى وكانت زيارتي تلك الإشارة والمفتاح بعدها ورجعت واهتمت الدولة وكتب وقتها سفير السودان فيها باريس الأجمل سعادة السفير أبوبكر عثمان لمعالي وزير التربية معالي مولانا دفع الله الحاج يوسف، رسالة يؤكد فيها أن الجهود بقبول السودان نجحت وأنظر في تلك التواريخ وفي اليونسكو جالس يومها سعادة السفير الدكتور بشير البكري الرجل الثالث فيها ثم سعادة السفير الفاتح حمد، مندوب السودان لدى اليونسكو فكيف لا أعود والسودان أصبح عضواً فاعلاً في أكبر منظمات الفنون الأدائية ثم بعدها استكملت إجراءات تأسيس المركز القطري في البقعة المباركة وأنظر لذاك بالتفصيل في دهاليز أخرى تكريسها ضروري.

ثم احتفت البقعة المباركة في مهرجانها بانتقال الاحتفال بيوم المسرح العالمي لأول مرة خارج باريس إلى خشبة المسرح القومي أم درمان وتلك من حكايات نجاحاتها المبكِّرة والتي أسست لها ولاستقرارها بين مهرجانات المسرح الوطنية والإقليمية والعالمية.

بعد غدٍ تفتح المسارح أبوابها للجمهور

وتمتلئ المقاعد بالجمهور

بعد غدٍ كان فضاء المسرح القومي أم درمان يمتلئ بالناس القيافة

وكان ضيوف المهرجان يتبادلون كل شيء ممكن

وكانت الورشة المركزية للديكور تعج بالشباب صانعي الفرجة.

ثم نمشي بشاطئ النيل نحو الطابية

ونغني ونرقص للافتتاح

وسنعود لافتتاح الدورة الواحد وعشرين في فضاء قاعة الصداقة والنيل الأزرق يجري يحمل أصوات الدفوف والأجراس

وترتفع الرايات تزيِّن المدينة.

وكل عام والمسرح بخير

والأهل صناع الفرجة والفرح بألف ألف خير.

صحيفة الصيحة